فمن أجل هذا البيت ومن أجل قول آخر:
إذ ما زاع جارية فلاقى ... خبال الله من أنس وجن
دعاني شقنان إلى خلف بكرة ... فقلت اتركني فالتفرد أحمد
أي أحمد لي في الشعر من أن يكون لي عليه من معين فقال أعشى سليم يرد عليه:
إذا ألف الجني قرداً مشنفاً ... فقولوا لخنزير الجزيرة أبشر
فجزع بشار عند ذلك جزعاً شديداً لأنه كان يعلم مع تغزله أن وجهه وجه قرد وكان أول ما عرف من جزعه من ذكر القرد الذي رأوا منه حتى أنشد قول حماد عجرد:
ويا أقبح من قرد ... إذا ما عمي القرد
وفي أن مع كل شاعر شيطاناً يقال معه قول أبي النجم:
إني وكل شاعر من البشر ... شيطانه أنثى وشيطاني ذكر
وقال آخر:
إني وإن كنت صغير السن ... وكان في العين نبوٌّ عني
فإن شيطاني كبير الجن
وأما قول عمرو بن كلثوم:
وقد هرب كلاب الجن منا ... وشذبنا قتادة من يلينا
فإنهم يزعمون أن كلاب الجن هم الشعراء. ومما دل عَلَى أنهم يقولون أن مع كل شاعر شيطاناً قول شاعرهم:
إذا ما ترعرع فينا الغلا ... م فليس يقال له من هوه
إذا لم يسد قبل شد الإزا ... ر فذلك فينا الذي لا هواه
ولي صاحب من بني الشيبا ... ن فطوراً أقول وطوراً هوه
وشيصبان وشنقان رئيسان من آباء القبائل في زعمهم وقد ذكرهما أبو النجم.
خيالهم في جن الشام والهند
قال الجاحظ: وأصحاب الرقي والأخذ والعزائم والسحر والشعبذة يزعمون أن العدد والقوة في الجن والشياطين لنزالة الشام والهند وإن عظيم شياطين الهند يقال له (سكويرك) وعظيم شياطين الشام يقال له در كاراب وقد ذكرهما أبو إسحاق في هجائه محمد ابن بشير حين