الأرجوانية تستعمل عند الأقدمين كافة ملابس للملوك والأمراء ويجلبون الفضة التي يستخرجها أهل إسبانيا وسردينا من مناجمهم وكان القصدير من ضرورياتهم يستعملونه في صنع النحاس الأصفر وهو مركب من نحاس وقصدير لا أثر له في بلاد الشرق ولذا كان الفينيقيون يرحلون في طلبه وينشدونه حتى في شواطئ إنكلترا في جزائر القصدير المعروفة بجزائر كاسيتريد. وحيثما حلوا يتخذون الرقيق يبتاعونه تارة كما كان يبتاع النحاس العبيد في ساحل إفريقية. إذ الشعوب القديمة كلها كانت تتجر بالرقيق. وينزلون طوراً في إحدى السواحل فجأة فيختطفون النساء والأطفال وينقلبون بهم إلى بلادهم أو يبيعونهم في القاصية. وإذا واتتهم الحال ينقلبون قرصاناً ولا يتحامون إطالة يد التعدي على الأغيار.
سر اختص به الفينيقيون - لم يقلق الفينيقيون إلا من قيام بحارة الأمم الأخرى إلى منازعتهم السلطة على البحار ومجاراتهم في الملاحة والاتجار فمن ثم كانوا يكتمون الطريق التي يسلكونها إبان عودتهم من الأقطار النائية ولذا لم يعرف أحد في القديم جهة جزائر الكاسيتريد المشهورة التي جلبوا منها القصدير. وقد رأت إحدى المراكب بلاد إسبانيا التي كانت لها صلات تجارية مع فينيقية منذ قرون عرضاً بدون تعمل. وكانت قرطاجنة تغرق من تصادفهم من التجار الأجانب في سردينيا أو في ناحية جبل طارق. حتى أن ربان إحدى المراكب أغرق سفينته ذات يوم عندما رأى سفينة غريبة تطارده مخافة أن تطلع على خطة سيره.
مستعمراتها - أنشأ الفينيقيون مكاتب تجارية في البلاد التي اتجروا فيها وهي مراكز للبرد حصينة واقعة على شاطئ بحر على مرفأ طبيعي يخرجون إليها بضائعهم وهي في العادة أنسجة وفخار وحلي وأصنام فيأتي أهل تلك البلاد بغلاتهم فيقايضونهم عليها كما يقايض اليوم تجار الأوربيين زنوج إفريقية. تقام أمثال هذه الأسواق في قبرص ومصر وجميع بلاد البحر الرومي التي كانت على همجيتها مثل اقريطش (كريت) وبلاد اليونان وصقلية وإفريقية ومالطة وسردينيا وشواطئ إسبانيا (مالقة وقادس) وربما أقاموها في بلاد الغول (موناكو) وكان أهل البلاد يبنون أكواخهم حول بنايات الفينيقيين فيصبح السوق مدينة ويقتبس السكان أرباب الفينيقيين وقد دامت عبادة ربة على صورة الحمامة حتى بعد أن