صارت المدينة يونانية كما في سيتير والرب ملخارت كما في كورنت ورب ذو جبهة ثور يفترس الضحايا البشرية كما في اقريطش.
نفوذ الفينيقيين - لم يكن يخطر للفينيقيين شيء على بال لما أسسوا مكاتبهم التجارية إلا الاحتفاظ بمصلحتهم الخاصة ولكن حدث أن نفعت مستعمراتهم التمدن فإن برابرة الغرب أخذوا عن أمم الشرق وكانت أكثر منها تمدناً كيفية صنع الأنسجة والحلي والماعون وتعلموا محاكاتها. مضى حين من الدهر واليونان لم يعرفوا غير الأواني والحلي والأصنام التي يأتيهم بها الفينيقيون وعلى منوال هذه البضائع نسجوا بعد فإن الفينيقيين حملوا من مصر وأشور الصناعة والبضائع معاً.
الأبجدية - حمل الفينيقيون أيضاً إلى البلاد التي نزلوها أبجديتهم وحروف الهجاء ولم يخترعوا الخط إذ كان المصريون يعرفون الكتابة قبلهم بقرون وقد استعملوا حروفاً تدل كل منها على صوت كما هو الحال في حروف الإفرنج. على أن خطهم كان مشوشاً بعلامات قديمة يدل بعضها على مقطع وآخر على كلمة برمتها. لا جرم أنه اقتضى للفينيقيين إذ ذاك طريقة أبسط لكتابة رسائلهم التجارية فاطرحوا العلامات كلها من مقاطع وصور ولم يبقوا سوى اثنين وعشرين حرفاً يدل كل منها على صوت أو على لفظ باللسان فاقتبست الشعوب الأخرى هذه الأبجدية المؤلفة من اثنين وعشرين حرفاً. فقد كتب اليهود من اليمين إلى الشمال كما كتب الفينيقيون وكتب غيرهم كاليونان من الشمال إلى اليمين وكلهم بدلوا شكل الحروف إلا قليلاً. والخط الفينيقي على التحقيق أصل الأبجديات كلها من يهودي وليسي ويوناني وايتاليكي وابتروسكي وايبيرسكي وربما كان الخط النروجي أيضاً فالفينيقيون هم الذين علموا العالم الكتابة.