عجب للجن وتخبارها ... وشدها العيس بأكوارها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما مؤمنو الجن ككذابها
فارحل إلى الصفوة من هاشم ... بين روابيها وأحجارها
فقلت: دعني فقد أمسيت ناعساً ولم أرفع بما قال رأساً فلما كانت الليلة الثالثة أتاني فضربني برجله وقال: قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي وأعقل إن كنت تعقل أنه قد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من لؤي بن غالب يدعو إلى الله تعالى وإلى عبادته وأنشأ يقول:
عجب للجن وتجساسها ... وشدها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما مؤمنو الجن كانجاسها
فارحل إلى الصفوة من هاشم ... واسم بعينيك إلى رأسها
قال: فأصبحت وقد امتحن الله قلبي للإسلام فرحلت ناقتي وأتيت المدينة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقلت: اسمع مقالتي يا رسول الله قال: هات فأنشأت:
أتاني نجيٌّ بين هدو ورقدة ... ولم أك فيما نجوت بكاذب
ثلاث ليال قوله كل ليلة ... أتاك رسول من لؤي بني غالب
فشمرت من ذيل الأسرار ووسطت ... بي الذعلب الوجناء بين السباسب
فاشهد أن الله لا شيء غيره ... وأنك مأمون عَلَى كل غالب
وإنك أدنى المرسلين وسيلة ... إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك يا خير من مشى ... وإن كان فيما جيء شيب الذوائب
وكن لي شفيعاً يوم لا ذو شفاعة ... سواك بمغن عن سواد بن قارب
قال ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمقالتي فرحاً شديداً ووثب إليه عمر فالتزمه وقال: قد كنت أحب أن أسمع منك هذا الحديث فهل يأتيك رئيك اليوم فقال: مذ قرأت القرآن فلا ونعم العوض كتاب الله من الجن.
يروي إبراهيم بن سلامة بسنده إلى رجل من خثعم قال: كانت خثعم لا تحل حلالاً ولا تحرم حراماً وكانت تعبد أصناماً (قال) فبينا نحن عند صنم ذات ليلة نتقاضى إليه في أمر قد شجر بيننا إذ صاح صائح من جوفه.