يا أيها الركب ذوو الأحكام ... ما أنتم وطائش الأحلام
ومستندو الحكم إلى الأصنام
هذا نبي سيد الأنام ... يصدع بالحق وبالإسلام
اعدل ذي حكم من الأحكام
ويتبع النور عَلَى الأظلام ... سيعلن في البلد الحرام
قد ظهر الناس من الآثام
قال الخثعمي: ففزعنا منه وخرجت إلى مكة وأسلمت مع النبي صلى الله عليه وسلم وروى إبراهيم بن سلامة بسنده عن رجل حدث عمر بن الخطاب قال له: خرجت وأصحاب لي في تجارة لنا نريد الشام فصحبنا رجل من يهود فلما كنا ببعض أودية الشام هتف هاتف
إياك لا تجعل وخذها موبقة ... فإن شر السير سير الحقحقة
قد لاح نجم فاستوى في مشرقه ... يكشف عن ظلما عبوس موبقه
يدعو إلى ظل جنان مونقه
فقال اليهودي: تدرون ما يقول هذا الصارخ قلنا: ما يقول قال: يخبر أن نبيّا قد ظهر خلا فكم بمكة فقدمنا فوجدنا نبيّ الله صلى الله عليه وسلم بمكة
ومن بشائر هتوفهم ما حكاه أبو عيسى قال: سمعت قريشا في الليل هاتفا عَلَى أبي قبيس (جبل) يقول:
إن يسلم السعدان يصبح محمد ... بمكة لا يخشى خلاف مخالف
فلما أصبحوا قال أبو سفيان من السعدان سعد بكر وسعد تميم فلما كان في الليلة الثانية سمعوه يقول
أيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا ... ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف
أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا ... عَلَى الله في الفردوس منية عارف
فإن ثواب الله للطالب الهدى ... جنان من الفردوس ذات زخارف
قال الماوردي: ولئن كانت هذه الهتوف أخبار آحاد عمن لا يرى شخصه ولا يحج قوله فخروجه عن العادة نذير وتأثير في النفس بشير وقد قبلها السامعون وقبول الأخبار يؤكد صحتها ويؤيد حجتها (فإن قيل) إن كانت هتوف الجن من دلائل النبوة جاز أن تكون دليلاً