مجله المقتبس (صفحة 2957)

ذهبن بمسواكي وقد قلت أنه ... سيوجد هذا عندكن فيعرف

يظن من لا يعرف هذا الخبر أنهن سلبنه المسواك فاعتد عليهن واخبرهن أنه سيوجد عندهن ويعرف لقدر المسواك عندهن وعنده ولأن الأعراب أنظر قوم في التافه الحقير الذي لا خطر له وكيف يظن به وبهن وهذا وبلد نجد مستحلس بضروب من شجر المساويك لا تحصى فكيف يبخل عَلَى نساء يهواهن بعود هو يصطلي به ويختبز ويطبخ بشجره ومتى احتاج إلى مسواك منه لم يتكلفه بثمن ولم يبعد في طلبه والمعنى أن نجداً تختلف منابته فمنه ما ينبت الاسحل ومنه ما ينبت الارك ومنه ما ينبت البشام فاهل كل ناحية منهم يشاكون بشجر بلدهم وكان جران العود معروفاً بهؤلاء النساء يزورهن عَلَى حذر من مزار بعيد وهو يستن من الشجر ما ينبت في بلده ولا ينبت في بلدهن فلما أخذن سواكه ليتذكرنه ويسترحن إليه كما يفعل المتحابون قال إن هذا سيوجد عندكن وإذا وجد علم أنه مما ينبته البلد الذي اسكنه فاستدل به عَلَى زيارتي إياكن ويقصد لقول القائل:

أيا ابنة عبد الله وابنة مالك ... ويا ابنة ذي البردين والفرس الوردا

فيتضاحك بالشعر ويستهزيء بالبردين والفرس الورد ويعارض ذلك بملوك فارس واسرتها وتيجانها وبأن ابرويز ارتبط تسعمائة وخمسين فيلاً على مرابطه وبلغت مخدته التي كان يشرف بها على الداخل عليه ألف إناء من الذهب وخدمته ألف جارية وقد جهل هذا معنى الشعر واخطأ في المعارضة وفخر بما ليس له فيه حظ ولا نصيب.

أما معنى الشعر فإن أبا عبيدة ذكر أن وفود العرب اجتمعت عند النعمان بن المنذر فأخرج بردي محرق وهو عمرو بن هند وقال ليقم أعز العرب قبيلة فيأخذهما فقام عامر بن احيمر بن بهدلة فأخذهما فاتزر بواحد وارتدى بآخر فقال له بما أنت أعز العرب فقال العز والعدد من العرب في معد ثم نزار في مضر في خندق ثم في تميم ثم في سعد ثم في كعب ثم في عوف ثم في بهدلة فمن أنكر هذا من العرب فلينافرني فسكت الناس فقال النعمان هذه عشيرتك كما تزعم فكيف أنت في أهل بيتك وفي بدنك فقال أنا أبو عشرة وعم عشرة وخال عشرة يغنيني الأكابر عن الأصاغر والأصاغر عن الأكابر فأما أنا في بدني فهذا شاهدي ثم وضع قدمه عَلَى الأرض وقال من أزالها من مكانها فله مائة من الإبل فلم يقم إليه أحد من الناس فذهب بالبردين فسمي ذا البردين قال الفرزدق:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015