كتاباً في المثالب لولده وقال من عيركم فقرعوه بمنقصته ومن ندد عليكم فابدهوه بمثلبه فإن الشر بالشر يتقى واحديد بالحديد يفلح.
وكان أبو عبيدة معمر بن المثنى أغرى الناس بمشاتم الناس والهجهم بمثالب العرب وحاله في نسبه وأبيه الأقرب إليه حال نكره أن نذكرها فنكون كمن أمر ولم يأتمر وزجر عن القبيح ولم يزدجر وهي مشهورة ولكن كرهنا أن تدوَّن في الكتب وتخلد عَلَى الدهر ولا سيما وهو رجل يحمل عنه العلم ويحتج بقوله في القرآن. ومن أتعب قلباً وأنصب فكراً ممن أراد أن يجعل الحسنة سيئة والمنقبة مثلبه ويحتال لإخراج الباطل في صورة الحق فيقصد من المناقب لمثل فوس حاجب يضحك منها ويزرى بها ويذهب في ذلك إلى خساسة العود وقلة ثمنه وهذا لو كان على مذاهب التجار والسوق في الرهون والمعاملات لرجع بالعيب على الآخذ لا عَلَى الدافع لا يألون بدفع أحقر ما يجد في أكثر ما يأخذ والمغبون من غرَّ بالصغير عن الكبير وإنما رهن عن العرب بما ضمنه عنها من كف الأذى عن مملكته حتى يحيوا وتنكشف عنهم السنة ولو كان مكان القوس مائة ألف رأس من الغنم عن هذا السبب ما كان القوس إلا أحسن بالدافع والقابل لأن سلاح الرجل هي عزه وشرفه وإسلام المال أحسن من إسلام العز والشرف. وقد يدفع الرجل خاتمه وبرده أو رداءَه عن الأمر العظيم فلا يسلمه خوفاً من السبة وأنفة من العار.
قال أبو عبيدة لما قتل وكيع بن أبي سود التميمي قتيبة بن مسلم الباهلي بخراسان بلغ ذلك سليمان وهو بمكة وهو حاج خطب الناس بمسجد عرفات وذكر غدر بني تميم وإسراعهم في الفتن وتوثبهم عَلَى السلطان وخلافهم له فقام الفرزدق ففتح رداءَه وقال يا أمير المؤمنين هذا رداي رهناً بوفاءِ تميم ومقامها على طاعتك فلما جاءَت بيعة وكيع قال الفرزدق:
فدى لسيوف من تميم وفى بها ... رداي وحلت عن وجوه الاهاتم
يريد الأهتم بن سمي التميمي ورهطه وهذا سيار بن عمرو بن جابر الفزاري ضمن لبعض الملوك ألف بعير دبة أبيه ورهنه قوسه فقبلها منه عَلَى ذلك وساقها إليه وفيه يقول القائل:
ونحن رهنا القوس ثم تخلصت ... بألف عَلَى ظهر الفزاري اقرعا
وسيار هذا هو جد هرم الذي تنافر إليه عامر وعلقمة. ومن هذا الباب قول جران وذكر اجتماعه مع نساء كان يألفهن: