مجله المقتبس (صفحة 2817)

وهاكسلي وسبنسر وكيتي وشيلر وروسو وفولتير ومئات يتعذر الآن إحصائهم.

هذه المدارس وطرق تدريسها هي التي حرم منها الشرق إلا قليلاً ولا يرجى تأسيسها على ما يجب في البلاد المصرية والعثمانية إلا بعد أن تكون المائة والخمسون طالباً الذين تبعث بهم نظارات الحكومة العثمانية إلى كليات أوربا قد أنجزوا الفروع التي يتمحضون لها ويعود أولئك الذين أرسلتهم الجامعة المصرية للأخصاء في فروعه منوعة من العلم يدرسون في الجامعة بالعربية فيتخرج بهم أرباب الرغبات في العلم كما يتخرج الآن في السلطنة العثمانية أناس كثيرون بالرجال الذين درسوا الفنون العسكرية والطبية في ألمانيا أو يتخرج المصريون بالأساتذة القلائل الذين تعلموا في كليات انكلترا وفرنسا وألمانيا على نفقة نظارة المعارف المصرية.

متى كثر عدد المتعلمين على الطريقة الحديثة وأصبح الأستاذ لا يجلس في حلقة تدريسه وعلى منبر إلقائه إلا إذا كان أفنى شطراً من حياته بالقعود على دكات تلك المدارس الراقية وأسهر الجفن في الليالي وراء المناضد وتخرج بأعظم أساتذتها الأعلام هنالك قل للعثمانيين والمصريين أنكم بلغتم درجات الأمم الحية فجديرون وأنتم ما أنتم أن يهابكم العدو ويحترمكم الصديق. وأي سلاح أمضى من العلم الصحيح والآداب الرافعة وأي عاقل يبجل غير الحري بالتجلة والإكرام ممن امتاز بصفات الرجولية الحقيقية.

لا جرم أن إصلاح التعليم على الأسلوب الجديد وتدريس علوم الدنيا به ينفع إذ ذاك في إحياء العلوم الدينية أيضاً لأن الارتقاء سلسلة لا يتيسر أن يكون بعضها عاطلاً وبعضها حالياً بل هو كالبناء لا يكون صحيحاً إذا تداعى منه جانب.

متى حسنت طريقة التعليم لا يقضي طالب العلم الديني بضع سنين مثلاً في تعلم بعض العلوم الآلية ليحسن مطالعة عبارة معربة فيغوص كما هو الحال في الروم ايلي والأناضول والشام سنين كثيرة في بحر البناء والمقصود العزي والمراح والعوامل والإظهار والكافية والشافية والسمرقندية والمختصر والسنوسية والأيساغوجي وغيرها من كتب النحو والصرف والبيان والمنطق ثم لا يتلو شيئاً من العلوم التي يقصد تعلمها كالتفسير والحديث والفقه والكلام والحكمة. وذلك كما يغوص طالب العلم في الأزهر في قراءة الأجرومية والكفراوي والأزهرية وأبن عقيل والخضري والصبان وغيره من كتب النحو المطولة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015