العين في نزل هناك أو خيام لهم يضربونها وسط الحراج المبثوثة على آكام الباروك وجبالها فيوفر لهم بذلك إلى جودة الماء التي ما بعدها جودة فيما أظن - طيب الهواء ونسيم الأرز والصنوبر العليل البليل. ومن الباروك إلى عين زحلتا ساعة على الراكب وفي هذه القرية فنادق حسنة لكثرة ورود المصطافين إليها للتمتع بنبع الصفا وقاع الريم اللذين ينبعان في ظاهرها ولتسريح عيونهم بجمال موقعها وخصب واديها وحراجه الغبياء. وعين الباروك وعين زحلتا على مساماة واحدة في العلو وماؤهما يكاد يكون متشابهاً والطريق من عين زحلتا إلى عين صوفر ماراً بطريق السكة الحديدية نحو ساعتين ونصف في العربة أو على الراكب وهذه العيون ينتفع بها كلها في سقي الحدائق في القرى البعيدة والقريبة.
ومن صوفر قصدت حمانا وقرنابيل فصليما فعبدات فبحنس فبكفيا فبيت شباب فالشاوية فالفريكة. وهنا قضيت مع صديقي الابرامين أفندي ريحاني الكاتب الشاعر المفكر الشهير أياماً رائقة ريثما ركبت البحر من بيروت قاصداً القطر المصري فأوربا. هذا وقد كان سبق لي منذ سنين أن زرت بعض قرى كسروان والبترون وزحلة فأكون هذه المرة بما خبرته من حال هذه الأقضية الثلاثة الأخرى وهي جزين والشوف والمتن خليقاً بأن أتكلم على الجبل خصوصاً ولم ينقصني منه إلا قضاء الكورة فقط.
نبذة في تاريخ لبنان
3
لم يخرج لبنان في دور من أدواره عن كونه معقلاً حصيناً كل من ساده يكون في الأعمم من حالاته إلى الشدة والمضاء يتعب من يسودهم وقد يتعب به جيرانه من أهل البلدان الأخرى. ولقد كان تاريخه السياسي كتاريخ معظم المقاطعات السورية استقلالاً وخضوعاً للغريب ولكن أيام الاستقلال أكثر من غيرها في غيره من أقاليم الشام.
والغالب أن قاصيته خضعت للفينيقيين كما خضعت سواحله واستولت عليه حكومة الأيتوريين العربية في عد الروم. والأيتوريون شعب شديد الشكيمة مولع بالحروب أنكفأ من حوران واللجاه بلاده ونزل البقاع فأنشأ له مدينة شالسيس أو عين جر جعلها عاصمة وأخذ يشن الغارات على لبنان ويتقدم إلى الأمام حتى تيسر له أن تسور قممه وأخضعه لسلطانه ثم انحدر إلى سواحل الشام وجعل مدينة طرابلس مركزاً ثانياً (1) وأكثر من كانوا