مجله المقتبس (صفحة 2787)

يتأذون من بأس الأيتوريين سكان جبيل وبيروت فلم يكونوا يملكون معهم لأنفسهم طولاً ولا حولاً.

نعم خضع هذا الجبل للفاتحين واستولى على زمامه المردة وهم قوم من نصارى الفرس أتى بهم الروم ليدفعوا عن لبنان غزوات الأيتوريين فنزل المردة (2) في الشمال أوائل القرن الأول للهجرة ثم جاء التنوخيون ونزلوا جنوبيه وتوالى عليه الأمراء المعنيون فآل عساف التركمان ومن سلالة المعنيين الأمير فخر الدين الذي عهد إليه السلطان سليم فاتح سورية ومصر بولاية الشام ثم الشهابيون ومن أمرائهم الأمير بشير الملطي الثاني ومن أمراء لبنان جان بولاد (جنبلاط) الذي حكم الشام سنتين في القرن العاشر فيما ذكر. وروى التاريخ أن سكان كسروان أخذوا في القرن السادس أوائل القرن السابع للهجرة يطيلون أيدي اعتدائهم على أبناء السبيل فيخطفون المسلمين ويبيعونهم من الأعداء فكان عساكر المسلمين معهم بين عدوين هم في جبال صنين أو الظنينين كما سماهم أبو الفداء وجيوش التتار التي انهالت على هذه البلاد كالسيل العرم إن نجا المسلم من التتري لا ينجو من الكسرواني (سنة 699) ولذا سار شيخ الإسلام أبن تيمية سنة 704 لنصح أولئك العصاة فلما لم ينجح النصح فيهم قاتلتهم الجيوش الشامية قتالاً هائلاً بزعامة جمال الدين أقوش الأفرم نائب دمشق. والغالب أن سكان كسروان كانا إذ ذاك خليطاً من النصيرية والموارنة وغيرهم كما كان سكان ساحل كسروان من اليعاقبة.

وما زال نواب الشام (1) الأشرف بن خليل قلاوون والناصر محمد بن قلاوون يحاربون النصيرية في كسروان حتى أخرجوهم وجعلوا بدلهم قوماً من التركمان في بعض النواحي وبقي كثير من المتاولة معهم كما فعل صلاح الدين يوسف لما استخلص ساحل لبنان ولا سيما جبيل وأعمالها من أيدي الإفرنج سنة 583 فرتب (2) في جبيل قوماً من الأكراد لحفظها. فبقيت على ذلك إلى سنة 593 فباعها الأكراد الذين كانوا بها ورحلوا عنها ثم عادت تلك السواحل فاستولى عليها الإفرنج بعد صلاح الدين لأن الكسروانيين كانوا نصراء الصليبيين يمدونهم بالذخائر والرجال.

ولذلك أمر حسام الدين لاجين نائب دمشق بأن تخرب بلادهم فخربت على عهده وعهد غيره من حكامها ولا سيما على عهد الأفرم كما تقدم إذ قضى بقطع كرومهم وتخريب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015