الخصيان والجواري والجواسيس والدجالون والمرتشون والمنافقون والمنطبعون بطابع السياسة الحميدية.
فقد كانت الوظائف والرتب والأوسمة ومظاهر التكريم تباع بالمزاد كما يباع العقار والدار ويقتنيها في الأغلب من لا يهمهم إلا حظوظ أنفسهم وإملاء جيوبهم وبطونهم حتى هلكت البلاد ليغتني عبد الحميد والمنفذون لرغائبه وافتقر الفلاح والصانع وهما مادة حياة الوطن واغتنت تلك الطائفة الفاسدة من الموظفين الذين سماهم غلادستون كبير وزراء إنكلترا جماعة من اللصوص تألفوا في صورة حكومة.
ولكم كان عمال عبد الحميد سبباً في إهراق دماء الأبرياء ونزع روح الحياة الوطنية من الناس وما ننس لا ننس سياسة المابين في المذابح الأرمنية والحروب اليمانية والكريتية وغيرها من الوقائع الأهلية التي ألقى بها السلطان الشقاق بين أبناء هذا البيت الواحد وفرق مجتمع القلوب عملاً بالقاعدة الباردة فرق تسد ولو عقل لجرى على قاعدة اعدل تسد.
نعم كانت المدارس منبعث تلك القوة التي قضت على السلطة الحميدية بل على السلطة الاستبدادية في السلطنة العثمانية. وناشئة الأمة الذين كان يحتقرهم السلطان المخلوع ويغويهم بالمال ويطعمهم بالمراتب والرواتب هم الذين دبروا بسلطان العقل أسباب الانقلاب الأخير في المملكة وغلبوا سلطان الجهل فكان يوم 10 تموز الماضي مبدأ سعادة العثمانيين وتاج الأيام وغرة الشهور والأعوام.
كان الصدر محمود نديم باشا يقول للسلطان عبد العزيز أن بعض الوزراء يخوفونك بالأمة وما الأمة الأكمن تراهم يمشون هناك (وأشار إلى جماعة من فلاحي الأناضول) ومثلهم لا يميز ولا يعقل فاصنع ما بذلك فانتهى الأمر بخلع ذاك السلطان وقتله. وكان أحمد عزت باشا العابد يحقر للسلطان عبد الحميد أمر الأمة ويزين له البطش ويقول له أن المسلمين لا يعرفون غيرك خليفة وسلطاناً ورباً صغيراً فاحكم فيهم بحكمك فهم عبيدك لا ينازعك في التصرف فيهم منازع الأحرار أفراد طائشون. صم أذنك عن سماع خيالاتهم ودعهم يعوون ولا يضر عواء الكلاب بالسحاب. أما حكومات أوربا فأمرها إلى التفاشل إن اتحدت كلمتهن لأقبل لنا بدفعها وما دمن متخاذلات فنحن في مأمن. وهكذا جرى السلطان المخلوع في دوره الأخير على هذه السياسة الخرقاء فكانت سبباً في نزع السلطة الاستبدادية من يده يوم