10 تموز الماضي وإنزاله عن العرش يوم 14 نيسان.
يئس الناس من الخلاص من جور هذا السلطان إلا بموته ولكن تلك النفوس الكبيرة من أعضاء جمعية الاتحاد والترقي التي احتك معظم أعضائها بالأوربيين وبلادهم قطعة من أوربا أبت أن تضيع ملك بني عثمان بالإهمال والتواكل فاضطرت عبد الحميد إلى إعلان القانون الأساسي في الصيف الماضي مرغماً ولما لم تطب نفسه لما جرى وأنشأت تحدثه بإعادة الدور السالف لتكون الأحكام طوع أمره ونهيه وهو الحاكم المتحكم في الأموال والأعراض والأرواح يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل أخذ يوقد نيران الفتن بين الأمة ليقول لها وللأجانب أن العثمانيين لا يليق لحكمهم إلا الحكم الاستبدادي.
ثم احتال للتفريق بين عناصر الدولة أولاً وإغواء بعض الخونة من رجاله بالمال ليبثوا دعوته فتألفت جمعيات عناصر بعد إعلان الحرية ولكل منها نزعة خاصة. يريد الأرمن توسيع الاختصاص المأذونية أو الاستقلال النوعي بعبارة أخرى والعرب ينادون بأن الترك غمطوهم حقوقهم وهم يريدون أن يشاطروهم الوظائف أو ينفصلون عن الدولة وبعض الأرناؤود يدعون إلى مثل دعوة الأرمن. ولما رأى السلطان أن الأمة انتبهت لرد هذه الترهات وقام العقلاء يحاربونها شرع يسلك سبيلاً آخر ويحرك عامة المسلمين باسم الدين بواسطة جمعية ألفها في الأستانة دعت نفسها بالجمعية المحمدية تطالب بالشريعة الإسلامية ولا تريد القانون الأساسي لأنه بزعمها مخالف للإسلام ومن قواعده الحرية والحرية ليست من شأن الدين المحمدي. وهكذا أَلفت الجمعية فروع في الولايات تهيج العامة باسم الدين وتربطهم بالسلطان وذلك على يد زعانف كان للمال الذي بذله تأثير عظيم في نفوسهم ونفوس الغوغاء.
كاد عبد الحميد لأمته بتدبير الفتنة المحمدية بل بالفتنة العسكرية فعصت جنود الأستانة إلا قليلاً بما بذله لهم من الذهب الوهاج ولم ير أعوانه الذين أثاروا الجند واسطة لإضاعة رويتهم أحسن من إسكارهم فأسكروهم ليلة الفتنة وفرقوا عليهم الذهب الكثير الذي جمعه من دماء الفقير ليقوموا بالمطالبة بإعادة الشرع المحمدي أو يوقدون نيران مذبحة عامة يقتل فيها أحرار الأمة أولاً ثم الأقرب فالأقرب من رجال الإصلاح والتجديد ولو وفق عبد الحميد لاستعادة سلطته الاستبدادية وتمت له مكيدته الشيطانية لما هلك في هذه الفتنة