مجله المقتبس (صفحة 2173)

الإمبراطور فيعديهم. وكان من المعروف عند القوم أن الإمبراطور يقبل الشكوى على ضباطه وهذا كان يكفي لإدخال الرعب على قلوب الولاة الفاسدين وإدخال الطمأنينة على رعاياهم.

الولايات كلها ملك الإمبراطور لأنه يمثل الشعب الروماني فهو قائد جميع الجنود وسيد الناس طراً ومالك الأراضي كافة (قال الفقيه كايوس ليس لنا في أراضي الولايات إلا التمتع بها والإمبراطور وحده مالك لها. وإذ كان من المتعذر أن ينصب الإمبراطور في كل ولاية عنه الوكلاء الذين يختارهم بنفسه يرسل إلى كل ولاية ضابط يسمونه مندوب أغسطس لتولي وظيفة القضاء) وهذا المندوب يحكم البلاد ويقود الجيش ويطوف في ولايته ليقض المصالح المهمة وبيده الحياة والموت كالإمبراطور. ويبعث الإمبراطور أيضاً بمحافظ لجبي الخراج وإدخال المال في صندوق الإمبراطور (ويسمونه نائب أغسطس).

فالضابط والمحافظ يمثلان الإمبراطور ويحكمان على رعاياه ويقودان جنده ويثبتان ملكيته. ويختارهم الإمبراطور من الفرسان ولهؤلاء العمال مراتب للتشريف على نحو ما كان الحكام في رومية القديمة يتدرجون من ولاية إلى أخرى ذاهبين من طرف المملكة إلى طرفها (فمن سوريا إلى إسبانيا ومن إنكلترا إلى إفريقيا) وإنك لتقرأ في الكتابات المكتوبة على قبور رجال ذاك العهد جميع المناصب التي شغلوها مبينة أحسن بيان وكتابة قبورهم تكفي لبيان تراجمهم وما تولد من أعمالهم.

الحياة البلدية: وكان تحت هؤلاء العمال الكبار الذين يمثلون الإمبراطور وهم لا يسألون عما يفعلون أناس من العامة الخاضعين يديرون شؤون أنفسهم بأنفسهم وللإمبراطور الحق في أن يتداخل في شؤونهم الداخلية إلا أنه لا يسيء في العادة استعمال هذا الحق. فيطلب إليهم فقط أن لا يحاربوا وأن يدفعوا على وتيرة واحدة ما يفرض عليهم من الأموال وأن يحاكموا أمام محكمة الوالي. وكان في كل ولاية كثير من الحكام المحكومين ويسمون أهل المدينة أو البلديون ومن هنا جاءت كلمة الحكم البلدي والمجلس البلدي.

تجري كل مدينة خاضعة للإمبراطورية في ترتيباتها على مثال رومية نفسها فيكون لها مجلس الشعب وتنتخب حكامها لسنة ويقسمون إلى فرق في كل فرقة عضوان ومجلس الشيوخ مؤلف من كبار أرباب الأملاك والأغنياء وأرباب الأسر القديمة وفي الولايات كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015