الممثلين لأغسطس: لفائدتك يا قيصر يعتني الشعب بنا. بل كانت تلك المشاهد واسطة لاستمالة قلوب الأمة للإمبراطور فكثيراً ما كان أقبح الإمبراطرة أكثرهم حظوة عند الشعب فكان نيرون الظالم يعبد لأنه قام بألعاب لطيفة فلم يصدق العامة بأنه مات وكان ينتظر قدومه بعد ثلاثين سنة من موته.
وما كان العامة في رومية يبحثون عن تولي الأمور بل غاية ما تطال إليهم نفوسهم أن يتسلوا أو يأكلوا كما قال جوفينال في عبارة له شديدة: خبز وألعاب الميدان.
التأليه: الإمبراطور وحده سيد المملكة ما دام حياً لأن الشعب الروماني يتخلى له عن كل سلطة ومتى مات يبحث مجلس الشيوخ فيما أتاه في حياته ويحاكمه باسم الشعب فإذا حكم عليه تبطل جميع أعماله وتتحطم تماثيله ويمحى اسمه من المصانع والآثار وإذا أقر على أعماله (وهو يحدث غالباً) يقرر مجلس الشيوخ بأن الإمبراطور مات وقد ارتقى إلى مصاف الأرباب.
وقد غدا معظم الإمبراطرة أرباباً بعد موتهم على هذه الصورة فكانت تقام لهم معابد وعهد إلى كاهن أن يقيم لهم الشعائر الدينية وقد كان في جميع أجزاء المملكة معابد رسمت باسم الرب أغسطس والربة رومية واشتهر عن أشخاص أنهم قاموا بوظائف كاهن للآلهي كلو وللآلهي فنزبازين وهذه العادة في تأليه الإمبراطور المتوفى كانت تسمى التأليه والكلمة يونانية. وانتقلت عادتها من يونان الشرق على ما يظهر.
إدارة الولايات: كان ثلثمائة أو أربعمائة أسرة شريفة في رومية تحكم البلاد وتستثمر باقي المعمورة منذ الفتح الروماني فجاء الإمبراطور ينزع منهم الحكومة ويخضعهم لسلطان ظلمه. حتى أصبح كتاب الرومان يثنون من فقد حريتهم المسلوبة ولم يكن لسكان الولايات ما يأسفون عليه بل ظلوا رعايا ولكن بدلاً من أن يرأسهم عدة مئات من الرؤساء يتناوبون الحكومة على الدوام ويجيئونهم نهمين للغنى أصبح لهم رئيس واحد وهو الإمبراطور يهتم بالنظر في أمرهم. ولقد أوجز تيبر السياسة الإمبراطورية بما يأتي: الراعي الصالح يجز صوف غنمه ولا ينتفه فمضى زهاء قرنين وقد اكتفى الإمبراطرة بجز سكان مملكتهم يسلبون منهم كثيراً من الأموال ولكنهم يحمونهم من العدو الخارجي بل من عمالهم أنفسهم. وعندما كان سكان الولايات يشكون من الفظائع ومن سرقات حكامهم كانوا يستعدون