مجله المقتبس (صفحة 2151)

والكوكونيون الذين يظهر أن بينهم قرابة ونسباً. قال هيرودتس فيهم أن الكاريين والكوكونيين والليسيين غادروا الجزائر ليستوطنوا القارة الآسيوية وكانوا في القديم رعايا مينوس (ملك كريت) ولم يكونوا يدفعون خراجاً ولهم في ميلاسا معبد قديم للمشتري الكاري وهو بينهم مشترك لما بينهم من القرابة ولذلك كانوا مستأثرين بهذا المعبد وحدهم دون جيرانهم الذين ليسو وإياهم من أصل واحد. وكانت لهم عادة قلما توجد عند غيرهم من الناس وهو أنهم يدعون الأبناء إلى أمهاتهم لا إلى آبائهم وإذا سئل أحدهم عن نسبه ذكر والدته وسلسلة نسبها. وعندهم إذا تزوجت امرأة وطنية بعبد يجيء أولادها أحراراً أشرافاً وأما إذا تزوج وطني ولو كان سيد قومه من امرأة أجنبية أو من سبية فأولاده ساقطون لا شرف لهم وليسو أحراراً.

وقد ألف البارون دي كستين كتاباً مستوفى في الكاريين قديماً فبحث في أصل حكم المرأة في الأسرة وفي تأثيرها في المجتمع المدني ونفوذها في المملكة وأثبت بأن هذه العادة كانت مستحكمة عند الأمم الليبية القديمة وعند قسم عظيم من شعوب آسيا الصغرى وقد جمع بين هاته الشعوب ليرجعها إلى أصل واحد هو في رأيه الجنس الأسمر النازل في أوساط آسيا المعرف باسم العنصر الطوشي.

وقد كانت عبادة الكوشيين عبادة أرباب البحار كما كانت عبادة الفوتيين والإيبريين ونشأت هذه العبادة عغلى شواطئ المحيط الهندي وانتشرت في عامة أنحاء الخليج الفارسي وبلاد العرب الجنوبية ومن هناك انتقلت إلى بلاد الحبشة ومنها سرت إلى أطراف موريتانيا في المحيط الأطلانطيكي وانتقل مكار وهو معبود الليبيين والإيبريين إلى اليونان مع تعديل كثير فيه وكان حيثما انتشرت عبادته تؤوي المعابد المعمورة باسمه من يمر بها من البحارة.

ومن الصعب أن نصور كيف عمت عبادة مكار في البلاد ذات الأنهار والجزائر الواقعة في البحر المتوسط حتى بلغت جزائر مكار في المحيط الإطلانطيقي. فقد ترك الكاريون والماريون حيثما نزلوا بنايات متسعة صبرت على الدهر بمتانتها. فإذا سرنا من ليبيا نجتاز أولاً واحة عمون الذي سمي أولاً باسم مكارونيسواو جزيرة مكار. وقد كان في برقة نهر اسمه نهر مكار وفي خليج قابس بحيرة مكار وفي زوجيتانيا نهر آخر اسمه نهر مكار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015