الأصوات التي لا توجد في حروف الهجاء المعروفة من أصل آرامي وبذلك تبينت أن لا علاقة للغة الأرمنية مع اللغة الفرغانية لأن هذه لغة لم يكن لها غير تسعة عشر حرفاً وكانت غير كافية للإعراب عما فيها.
بقي علينا الآن أن نشرح الداعي إلى الاستعمار الإيراني لتروادة وعلاقة هذه مع الدولة التي حكمت في أليون وهي علاقة كانت السبب في تقدم ذاك الاستعمار على غيره من المستعمرات الكريتية البيلاسجية في هذا الجزء من آسيا الصغرى.
وليس غير الاستدلال نعمد إليه في بحثنا في هذا الماضي الذي لا تاريخ له ولا ندعي بأننا نضع نظرية لعرضها كأنها حقيقة أساسية لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.
ويتيسر لنا الحكم على ذاك الماضي بما تدل عليه بقايا ما عثر عليه من الكتابات التي ورد فيها خبر الانتصارات في الكرنك وفي النصوص اليونانية والظاهر أن أهل الطبقة الحاكمة من الهيتيين كانت لا تنظر إلى تطبيق المبادئ السياسية بالحرف بل تتوخى تطبيقها مع الأحوال والزمن ولذا كان يسكن جزءاً من بلادهم شعب ضعيف كان في إخلاصه له نظر فأدى ذلك إلى خلع ربقة دولتهم الحاكمة وتسليم مقاليد الحكومة إلى دولة أخرى يتيسر الاعتماد على إخلاصها أكثر. ومن صعب مراسهم من الشعوب يطردونهم من بلادهم وهذه السياسة تشرح كيف تنقل الشعوب في بلاد الهيتيين من ناحية إلى أخرى من أنحاء مملكتهم. وبهذه الحجة دخل اللوكوسيريون إلى كابادوسيا لمعاضدة الدولة الهيتية الحاكمة التي هي من جنسهم ودخل الميونيون الذين ردهم الهيتيون على أعقابهم واستعاضوا عنهم بالعنصر السامي اللودي ومثلهم التركريانيون الذين طردوهم للاستعاضة عنهم بادردانيين للمحافظة على ممر الدردانيل ومنع أساطيل الأعداء والمزاحمين من الدخول في البحر الأسود وهو مركز تجارة كبرى لمنافسة الفينيقفيين. كل ذلك يحمل على الظن بأن قبيلة أولية اجتازت خليج الدردنيل على عهد الملك توسر لأن المؤرخ هيرودتس يؤكد أنه رأى في كولشوس مستعمرة مصرية حبشية كانت هناك منذ الزمن الأطول.
وإذا توسعنا في البحث في أصول الشعوب التي تبعث الجيش الهيتي إلى سورية مكن طريق البر نجد ثمة جماعات أخرى وإن كان قدومها آخر الآمر من كريت فليست على ما يظهر كالفيلستيين من أصل ليبي مصري. وهؤلاء الجماعات هم الكاريون والليسيون