وعلى الشاطئ الإطلانطيقي في موريتانيا (شمالي مراكش وغربي الجزائر) نهر وبحيرة باسم مكار. وقد اكتشف هانون القرطاجني في تلك الأصقاع في القرن السابع قبل المسيح نهر لوكوس وخرائب مدينة أسوارها كارية ولا تزال هذه الأسوار موجودة إلى يومنا هذا وإذا تركنا وراء ليبيا ومررنا بأوروبا نجد في مدخل الأرخبيل اليوناني جزيرة لمكار. ونعني بها جزيرة كريت وربما جاء من هنا اسم كانتور أو جزيرة سيفين الكبرى على ما قال ذلك إيبرس الأثري الألماني وإذا تقد إلى الأمام نجد نهراً لمكار في إقليم تساليا وآخر في بيوسيا وثالثاً في بروبوتيدا. ويؤخذ من قول هوميروس أن لسبوس (جزيرة مدللي) كانت مقراً لمكار.
ولا يقف إنشاء عبادجة مكار وراء تخوم بلاد اليونان بل كانت شائعة في إقليم أومبريا بإيطاليا وساردينيا وإبيريا (الأندلس) ولا شك أن أسواء جزيرة تارتاسوس لم يستطع أهل صيدا أن يدكوها إلا باختراع المنجنيق وما تعاصت عليهم إلا لأنها بنيت معبداً لمكار.
وإذا سألت عن مكار هذا الذي يكاد يكون أثراً خالدجاً في كل مكان فهو بحسب الألواح الآشورية المحفوظة في المتحف البريطاني مكار أوانو ـ كما جاء في أحدها ـ سيد المياه ورب الأنهار وسلطان البحار وزعيم الأعماق وربها وحاكمها. وفي الأساطير البابلية أنه أحد الأرباب التي بدت في صورة أسماك يحرس منازله الرجال الذين خلقوا على هيئة أسماك ويتصل نسب مكار كما في الأساطير الهندية بفرع الكوشيين. وإذا عرفت هذا فلا يسوغ لك أن تخلط بين مكار بعد ما ذكرت لك من وصفه وبين بوسيدون وهو رب ليبي صرف رآه اليونان في جميع الحار واتخذوه وصبغوه بصبغتهم. وكان على الشاعر هوميروس أن يعرف تلك الأرباب القديمة التي كان تعبد في ليبيا لأنه كثيراً ما يذكر في الأوديسية اسم الحبشان الآسياويين والحبشان الأفريقيين.
ولغة الكاريين هي لغة البربر وهي لغة أحد الفروع القديمة للجنس البشري كان يطلق عليهم جيرانهم في آسيا وإفريقية بارباروئي. وهذا الاسم القديم (البربري) لم يطلقه على عمومه إلا اليونان واللاتين أما هوميروس فإنه يعني ببربر ذاك الفرع الليبي من الناس المعروف باسم بربر حتى اليوم. وبين بارباروئي كما أطلقه هوميروس بعض ألفاظ تقرب كل القرب من اللغات السامية حتى لقد قال أحد العلماء أنه إذا كان النحو اليوناين يدل على