فكانت هذه المجلة لهم أشبه بدائرة المعارف التي نشرها الخاصة من رجال الفرنسيين في القرن الثامن عشر فجعل الناس يختارون ما يروقهم من العلوم بعد أن ينظروا في معظمها نظرة عامة.
بقي أن أقول أن للمقتطف مغامز لا بأس بعرضها عليه ألا وهي ظهور الغرض أحياناً في مطاوي ما يكتب مدفوعاً إلى ذلك بعامل التربية والمنشأ أو بداعي قلة اختبار في أحوال المجتمع أو مراعاة لغرض تستدعيه المصلحة وما كان الأحرى به وهو يدعو إلى العلوم المادية أن يتجرد عن النزعات السياسية والدينية بتة. فالعلم مشاع لا مشرب له ولا دين. ولو خلا من التعريض ببعض الفرق لنجا من طعن الطاعنين عليه من مثل من أوغر صدورهم مثلاً بشرح مذهب داروين في النشوء والارتقاء وكان عليه أن يلخص في مثل هذه الموضوعات حقائقها من غير تحزب إلى ما قد يكون الجمهور على خلافه.
وقد يقع لهذه المجلة في بعض الأعداد أن تطرق موضوعاً تافهاً فيكون ذلك على غير قصد منها في الغالب خصوصاً ومنشئها يعني كل العناية أن لا يكرر ما سبقت له الكتابة فيه والناقل قد يسهو عما نقل وشتان بين الناقل والواضع.
ومن كان غرضه إرضاء قرائه كافة لابد أن يسقط ولو قليلاً فيما يدعوه الخاصة لغواً أو حشواً. ولعل ذلك هو السبب الذي دعا منشئه أن قال يوماً لأحد كتاب المجلات أنك يا هذا تملأ صحيفتك بالدسم فوق اللازم فالأشبه بك أن تضمنها ما تتحمض به النفوس ليشتد بها القرم إلى العلم.
وقد عتب فريق على هذه الصحيفة لتساهلها بنقل تراجم المشارقة وذكر نبذ من أعمالهم الخيرية وأرى لها بعض العذر في ذلك لأن المرء حر أن يسكت عمن لا يعلم عنه ما يكفي للحكم فيه أو لا تروقه حالته ولا يسف أن يكيله المديح كيلاً. فإن أغفلت مثلاً ترجمة جمال الدين الأفغاني وحسن الطويل وحسن توفيق وأمثالهم فقد ترجمت محمداً عبده وعبد الرحمن الكواكبي وبطرس البستاني ومن ضارعهم.
هذا وإني استحسن طبعه ووضعه ونسقه وحسبي حجة على أدب صاحبيه وإنهما أميل إلى الإنصاف من كثيرين من حملة الأقلام أن أذكر ما اقترحه علي أحدهما منذ سنين من انتقاد مجلتهما وبعد الاعتذار أشرت بالعدول عن بعض الموضوعات المطولة المملة مثل مقالات