مجله المقتبس (صفحة 1815)

زادها الشيب حرمة وجلالاً ... توجتها به يد الأعصار

رب شيب أتم حسناً وأولى ... واهن العزم صولة الجبار

معبد للأسرار قام ولكن ... صنعه كان أعظم الأسرار

مثل القوم كل شيء عجيب ... فيه تمثيل حكمة واقتدار

صنعوا من جماده ثمراً يج ... نى ولكن بالعقل والأبصار

وضروباً من كل زهر أنيق ... لم تفتها نضارة الأزهار

وشموساً مضيئة وشعاعاً ... باهرات لكنها من حجار

وطيوراً ذواهباً آيبات ... خالدات الغدوّ والإبكار

في جنان معلقات زواه ... بصنوف النجوم والأنوار

وأسوداً يخشى التحفز منها ... ويروع السكوت كالتزأر

عابسات الوجوه غير غضاب ... باديات الأنياب غير ضواري

في عرانينها دخان مثار ... وبألحاظها سيول شرار

تلك آياتهم وما برحت في ... كل آنٍ روائع الزّوار

ضمها كلها بديع نظام ... دق حتى كأنها في انتثار

في مقام للحسن يعبد بعد ال ... عقل فيه والعقل بعد الباري

منتهى ما يجاد رسماً وأبهى ... ما تحج القلوب في الأنظار

أهل فينيقيا سلام عليكم ... يوم تفنى بقية الأدهار

لكم الأرض خالدين عليها ... بعظيم الأعمال والآثار

خضتم البحر يوم كان عصياً ... لم يسخر لقوة من بخار

وركبتم منه جواداً حروناً ... قلقاً بالممرس المغوار

إن تمادى عدواً بهم كبحوه ... وأقالوه إن كبا من عثار

وإذا ما ظغى بهم أوشكوا أن ... يأخذوا لاعبين بالأقمار

غير صعب تخليد ذكر على الأر ... ض لمن خلدوه فوق البحار

شيدوها للشمس دارة صلاة ... وأتم الرومان حلي الدار

هم دعاة الفلاح في ذلك العص ... ر وأهمل العمران في الأمصار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015