مجله المقتبس (صفحة 1614)

وللنبوة آيات تنص لنا ... على الخفيين من حُكم ومن حِكم

وللمكالارم أعلام تعلمنا ... مدح الجزيلين من بأس ومن كرم

وللعلى ألسن تثني محامدها ... على الحميدين من فعل ومن شيم

وراية الشرف البذَّاخ ترمقها ... يد الرفيعين من مجد ومن همم

إلى آخر مدح به الخليفة ووزيره فأفيضت عليه الخلع المذهبة وأعطي خمسمائة دينار من مال الخليفة وأخرج له مثلها من عند السيدة الشريفة بنت الإمام الحافظ وأطلقت له من دار الضيافة رسوم لم تطلق لأحد من قبله وتهاداه أمراء الدولة على منازلهم للولائم وانثالت عليه صلات الخليفة فمن بعده من الوزراء ومكبار عماله وقضى في مصر تسع عشرة سنة والدولة الفاطمية في أواخر أيامها تضعف وتقوى وتسفل وتعلو وكلما مدح كبيراً نال جزيلاً وجميع شعره وفيه المعاني الجيدة المصورة أحسن تصوير يدور على غرض مديح الكبراء وأغراض من السياسة تقتضيها حال من يدخل في غمارها.

جاء عمارة سفيراً إلى ملك مصر فطاب له المقام فيها وأوسعه أرباب السلطان براً لا على أنه شاعر يطلب الجوائز بل على أنه سياسي له ضلع في أحوال اليمن والحجاز وقد كان الفاطميون على عهده يملكون الحجاز وتطمح نفوسهم إلى امتلاك اليمن فحري بمن كان مثل عمارة أن يؤمل منه أن يسهل لهم أسباب فتحها ولذلك انهالت عليه الصلات أي انهيال وعاش عيشة أمير لا عيشة شاعر. ذكر ذلك في كتاب النكت العصرية وكثيراً ما يذكر مقدار ما تجود به عليه أيدي الأمراء من الأرزاق والأموال حتى صار إذا تأخروا عنه حفزهم بنابل من شعره فيعودون إلى ما عودوه عليه. قال عمارة في مدح شاور وزير الفاطميين:

حمي الوطيس فخاضه بعزائم ... علمن حسن الصبر من لم يصبر

ضجر الحديد من الحديد وشاورٌ ... في نصر آل محمد لم يضجر

حلف الزمان ليأتين بمثله ... حنثت يمينك يا زمان فكفِّر

يا فاتحاً شرق البلاد وغربها ... يُهنئك أنك وارث الاسكندر

قال وكانت هذه الأبيات من أحد السباب التي قوت عزمي على الاستغناء عن عمل الشعر لأن الناس فيما تقدم كانوا يغنون الشعراء بما ليس فوقها في الجودة إلى أن يقول: ورأيته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015