صاحبه ويعلم أنه لا يعلم والجهل المركب هو أن لا يعلم ولا يعلم أنه لا يعلم.
هذا في العلوم الدنيوية أما العلوم الشرعية فقد قل المشتغلون بها كثيراً لأن الناس مفرطون على حب المنفعة العاجلة. وذلك أن فريق المتعلمين رأوا العلوم الشرعية أصبحت لا يرزق صاحبها منها بقدر رزق صاحب العلوم الدنيوية فرغبوا عن الأولى إلى الثانية وفشا فيهم داء الاستخدام كمصر فضعفت بذلك العلوم الإسلامية التي كانت تعد دمشق وحلب مثلا من أمهات مدنها وأسواقها في العصور السالفة.
وإذا تقدمنا إلى العراق نجده يشبه حال الشام وإن بقي له شئ من العلوم القديمة ولم يأخذ من الحديثة بقسط وافر على أن ذكاء العراقي ونشاطه معروفإن موصوفإن ولا يبعد إذا تهيئت أسباب واحدة للقطرين الشقيقين أن يسبق العراق الشام. ومثل ذلك يقال في نجد واليمن والحجاز فإن الذكاء موجود في أهلها على اتمه ولكن أسباب التعلم ضعيفة جداً والعأقلون العاملون لا يهتدون إلى طريقة تنفتح أمامهم سبيل الوصول.
وأقليم نجد ما برح على الفطرة حتى أن علوم العربية ضعيفة فيه وليس هناك غير العلوم الشرعية من الفقه الحنبلي وغيره مما بثهُ فيهم أمامهم محمد بن عبد الوهاب في القرن الثالث عشر وكانوا من قبل فيه جاهلية جهلاء وهم لا يزالون بعيدين عن تعلم العلوم العصرية مع كثرة تجول بعضهم في الاقطار المجاورة في التجارة ورؤيتهم في الهند ومصر وغيرهما من أثار العلم الغربي ما يبهج ويدهش. وكذلك الحال في اليمن إلا أن العلوم الإسلامية على كثرة الفتن هناك ما فتئت بين الزيدية أرقى مما هي في غيرها من الاقطار وهي منحطة عند غيرهم ويمتاز عامة أهل نجد واليمن عن عامة غيرهم بمعرفتهم المبادئ الأولى التي هي أساس لما بعدها بحيث أن عامتهم يشاركون اعلا طبقات العلماء في المبادئ الصحيحة حتى أن كثيراً من عامتنا بل من علمائنا يتوهمون في كثير من عامتهم بانهم علماء فخواصنا أرقى من خواصهم وعامتهم أرقى من عامتنا. والحجاز ما برح كما وصفه الكتاب العزيز واديا غير ذي زرع كما أنه لا يزال واديً غير مخصب بالعلم والأدب وإن كان كما قال لي أحد الثيقات بانه قد ينزل في علماء كبار ولكن يقصدونه للعبادة والتخلي عن الدينا لا ليعملوا ويجدو فترة فيه الافغاني والهندي والمغربي وغيرهم ممن صرفوا اعمارهم في النافع واحبوا أن يختموها بالعبادة. أما السواد الأعظم من السكان