مجله المقتبس (صفحة 1357)

هناك فبعيدون الان عن التغيير ولعل السكة الحجازة متى وصلت بلادهم ببلاد الشام تنقل إليهم من وراء البحار ما تستنير به عقولهم كما ستنقل إليهم الغلات والثمار.

هذه أحوال جزيرة العرب من الارتقاء وهو احرى كما رأيت أن يدعى وقوفا. واما شمال أفريقيا فحالتها ليست الا دون ما يرجى فإذا نظرت إلى المغرب الأقصى ترى الفوضى السياسية تمزق احشائها منذ سنين بل منذر اعصار والقول الفصل فيها لمشايخ الطرق منذ خمسة قرون وليس لعلماء الدين الحقيقين سلطة تنفع أما العلوم العصرية فعدومة بالجملة وإذا نظرت إلى فاس وغيرها من أمهات مدن العلم في ذاك الصعق الواسع لا تجدها قد اختلفت شيئا عما كانت عليه منذ قرون اللهم إلا في انحطاط العلوم الدينية مع أن المغرب الأقصى من أوروبا على قيد غلوة ولكنه ضرب دونه ودون المدنية باسوار منيعة وحرم أهل الشأن فيه.

ما لم يحرمه دين ولا عقل كقراءة الكتب الجديدة والصحف بل وصل الغلو بهم إلى تحريم تفسير القرآن لخيالات يتخخيلونها من قراءته.

وإذا جئت المغرب الاوسط وهو الجزائر ترى العلوم الإسلامية منحطة فيه والعلوم الجديدة ليس منها شيء إلا في المدارس الفرنسوية على قلة جدواها ولم يصل منها إلى أهل البلاد النافعين في انهاضها غير نور ضئيل جداً لان أكثر الدول المستعمرة تذهب إلى أن العلم يرفع ريقتها عن المسعمرين وكذلك الحال في المغرب الادنى وهو تونس وبرقة أي طرابلس وما والاها من بلاد الصحراء إلا أن أهل تونس هم بالنسبة للمغربين المجاورين لها أرقى في العلوم الدينية والدنيوية. وجامع الزيتونه يكاد يكون أرقى من الجامع الازهر على أن تونس كانت منذ القدم تعنى بالعلوم الإسلامية أكثر من غيرها من الاقطار وحسن الترتيب بين التوانسة في طريقة التعليم قديم العهد كيف لا وهم في الا كثر من نسل الفينيقيين وجالية الأندلسيين. ويرجى لهم بعد أن نفس عنهم الخناق بعض الشيء أن تنفعهم الحرية فيفكر قادتهم لهم وإن ما نسمع به ونراه من الصحف والجمعيات التي أكثروها من تأسيسها مؤخراً ليدعونا إلى الرجاء بأن يكون الربع الثاني من القرن أحسن فائدة وأكبر عائدة عليهم أن لم يعاودهم الضغط والمراقبة.

هذه الحال البلاد التي يتكلم فيها باللغة العربية بقي السودان وزنجبار وحالهما حال سائر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015