مجله المقتبس (صفحة 1001)

والأمثلة على ذلك كثيرة في هذا الباب من القديم فليس للوافد ما للقاعد من الخمول والاتكال ويكفي أن في لندرا لهذا العهد وهي مهد الصناعات والارتقاء زهاء مائتي ألف رجل من رجال الألمان استولوا على أعمالهم المالية واستأثروا بها دون ابن البلاد المتعلم المنور الذي لا يقل عنه في مواهبه هذا في عاصمة إنكلترا فما الحال بمصر وأكثر الوافدين إليها من الشعوب القوية ومن أهل البلاد الباردة التي تبعث النشاط في قلوب أبنائها وأجسامهم وعقولهم فيتخذون عدتهم استعدادهم وكدهم رأس مالهم وعتادهم وذخرهم قصدهم واقتصادهم على حين قد أتت على الوطني أزمان من الفوضى ضعفت بها قواه فأصبح لا يقوى على العمل إلا عوده زمناً ولقنه بالتعليم والتربية وقد فاجأته الثروة والحرية مفاجأة بهرته وحيرته ثم أن ابن البلاد في الغالب لايسف إلى المكاسب التي يتنازل إليها للغريب فالأول يدل بأرومته ويعتز بأمته والثاني يذل في سد حاجته ونيل بغيته.

ولما رأت الحكومة المصرية على عهد الوزارة الرياضية أن الوطني يكاد يفنى في الدخيل سنت لائحة صعبت فيها على النازل في مصر أسباب الحصول على حقوق الوطني إلا بعد مقامه خمس عشر سنة على وأشعاره الحكومة بعزمه على تغيير جنسيته قبل حلول الوقت المعين بخمس سنين فكانت هذه اللائحة غريبة في بابها منعت بعض الطراء على القطر من ولوج باب الاستخدام في دواوين الحكومة وحظرت عليهم تعاطي الأعمال الإدارية والسياسية إلا أنها صرفت وجهتهم إلى اتخاذ الأعمال التجارية والزراعية والمالية والعلمية الحرة فافلحوا أكثر مما لو كانوا حصروا وكدهم في الوظائف الاتكالية ولم تحق عليهم كلمة مصر للمصريين. ومن هنا نشأ بغض النظر كثير من المصريين للغرباء. كان السبب في ذلك أول منافسة هؤلاء لأبناء البلاد في اجتياز الوظائف وهناك أسباب أخرى قواها أرباب الأهواء والغايات المسموعة فإنتقلت بالتقليد إلى العامة ومن نحا منحأهم من الخاصة.

وليست الشكوى التي يشكوها بعض الوطنيين من الوافدين في محلها كلها لأن من اغتنى بكده أو بطرق غير شريفة فإنما غنمه له وغرمه عليه. واو تسنى لابن البلاد أن يعمل عمله ما تأخر وياليت خاصة هذه البلاد يسعون إلى نزع هذه الأوهام من عقول العامة حتى لا يبغضوا غيرهم بسبب وبلا سبب ويمتزج بعضهم مع بعض لتحيل بودقة مصر ذاك الدخيل إلى المعدن الذي تريد أن يكونوا كلهم عليه. فقد ثبت أن ثبت أن هذه البودقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015