وبعد أن حجز لنا مقاعدنا في مكان يحظر فيه التدخين دخلنا هذا المطعم ورأينا كثرة الناس في هذا الوقت المتأخر من الليل فسألت الأخ تاج الدين: أهؤلاء كلهم زوار مثلنا؟ فقال: بل هؤلاء من أهل المدينة بالذات، وهكذا هم دائما أسرا وأفرادا، إنهم يخرجون في هذا الوقت من المسارح والمراقص ودور السينما والبارات.
غرباء في بلادهم:
ويذهبون مثلنا يلتمسون طعام العشاء، وكثير من الأسر الأمريكية لا يأكلون في بيوتهم، بل بعض الأسر وبعض الأفراد لا منازل لهم فمنهم من يأوي إلى الفنادق، ومنهم من ينام في سيارته التي تعتبر منزله ووسيلة نقله، وأكثرهم مرهقون بالدين للبنوك التي تسيطر على مصادر رزقهم وتعطيهم بطاقات يعيشون بها وهم مهددون بسحبها في كل وقت إذا لم يدفعوا للبنك الأقساط المشروطة عليهم.
وأضاف الأخ تاج الدين أن الزوج وزوجته ليقعدان على طاولة الطعام في المطعم ويطلب كل منهما ما يناسبه، ويدفع الحساب من جيبه عن نفسه ولا يدفع الزوج عن زوجته ولا الزوجة عن زوجها وكذلك الآباء والأبناء والأمهات والإخوان والأخوات.
بل كثير ممن تراهم وتظن أنهم أسرة واحدة تجدهم من ذوي العلاقات غير الشرعية.
قلت عندئذ: الله أكبر إن أكبر دولة مادية في العالم لفي طريقها إلى الانهيار وفقد المعاني الإنسانية بين الأقرباء فضلا عمن سواهم وذكرت للأخوين تاج الدين وزميلي الدكتور ما هو معروف من تماسك الأسرة في الشرق على الرغم من الفساد الذي بدأ يدب فيها، وذكرت لهم ما علمته من أحد الطلبة الأفارقة السنغاليين الذين تخرجوا في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة حيث ذكر لي أن عدد أفراد أسرته ما بين جد وجدة وأب وأم وخال وخالة وعم وعمة وأخ وبنت يبلغ مائة وعشرين صغارا وكبارا وأنهم كلهم يجتمعون على مائدة طعام واحدة في كل الوجبات الغذائية اليومية وأن لذلك أمثلة أخرى متشابهة…