ثم ألقى إمام البلاليين كلمة رحب بنا فيها وأشاد بالدعوة الإسلامية التي انطلقت في مكة المكرمة وقويت شوكتها في المدينة المنورة التي أصبحت عاصمة الإسلام الأولى والتي كان لأهلها السبق في نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم وإيواء أصحابه أي المهاجرين، وكانت عواطف الحاضرين ملتهبة عبروا عنها بالتكبير الذي ارتجت به جنبات القاعة وقد اعتادوا الاجتماع لسماع الدرس الذي يطلقون عليه درس الثلاثاء، حقق الله لهم من يقودهم بدرس الثلاثاء إلى الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده، واستأذنا لنذهب مع الأخ محمد نور الذي دعانا لتناول طعام الغذاء في بيته، ونحن لبينا الدعوة لنرتاح من معارك الطعام التي استمرت معنا من وقت نزولنا في أول دولة غربية وهي بريطانيا إلى هذا اليوم فقد كان زميلي في نقاش دائم مع المضيفين في الطائرات، ومع الخدم في المطاعم في كل وجبة من وجبات طعامنا، وقد تمر ثلاثون دقيقة أو أكثر وهو يتفاهم معهم عن نوع الزيوت، واللحوم والسوائل [1] ، وقد يبدون أنهم فهموا المراد ثم يأتون بما يدل على عدم فهمهم، على الرغم من أنهم يصغون إلى لكنته الإنجليزية بعناية، بل ويستعذبونها حتى يكادوا يتركون خدمتهم ويجلسون بجانبه ليمتعوا بلهجته، وهو يستفسر عن كثير من كلماتهم السريعة الدارجة، وفي إجابة دعوة الأخ محمد إرضاء له وراحة لنفوسنا من الشكوك في أطعمة المطاعم، وأجازة لزميلي محمد بيلو من عناء الأخذ والرد مع المضيفين.
ولقد كان الطعام لذيذا غاية اللذة، لأنه قدم لنا في بلد ما كنا نظن أن نراه فيها فجزى الله الأخ محمد نور خيرا هو وأهله.
وبعد الغذاء شربنا الشاهي السوداني الذي انتشى بشربه زميلي أكثر منا وأخذ فيه النسبة التي يريد من السكر دون أن يقال له: أغلق المطعم؟ كما قال له المضيف في رحلتنا من لندن إلى نيويورك.