لكن ما حكم مضارع هذه الأفعال الملازمة للبناء للمجهول وكذا الأمر منه أيكون ملازما للبناء للمجهول كالماضي؟ أم يقتصر منه على ما ورد مسموعاَ عن العرب؟
الفيروز أبادي صاحب القاموس يعطينا رأياً قاطعاً حيث يقول في مقدمة القاموس: "هل المضارع فيها يأتي كذلك وفعل الأمر كما في قوله تعالى: {فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ} أو أن مرجعه إلى السماع، والظاهر الثاني كما يدل له قول مترجم القاموس: "حم الأمر مبني للمفعول من باب نصر فنقول في المضارع: (يحم) ومثله (جن) ، ونتجت الناقة من باب ضرب فتقول: في المضارع: (تنتج) ، وعقرت المرأة من باب (حسن) فنقول في المضارع: (تعقر) فلينظر في حاشيته الشهاب الخفاجي في الصافات أو شرح أدب الكاتب في باب (المبني لما لم يسم فاعله صورة) وقد قال الشهاب الخفاجي في حاشيته على البيضاوي في سورة الصافات عند قوله تعالى: {فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ} .
الإهراع الإسراع الشديد كأنهم يزعجون على الإسراع على آثارهم وفيه إشعار بأنهم بادروا إلى ذلك عن غير توقف على نظر وبحث قال الشهابي معقباً على هذا: كأنهم يزعجون أخذه من فعل الإهراع المجهول وقال أيضاً في سورة هود {وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْه} .
يسرعون إليه كأنهم يدفعون دفعاً لطلب الفاحشة من أضيافه.
ثم يعقب الشهابي على هذا بقوله: ويهرعون جملة حالية والعامة على قراءته مبينا للمجهول، والإهراع الإسراع وقال الهروي هرع، وأهرع استحث، وقرأ جماعة {يَهرعُون} (بفتح الياء مبنياً للفاعل من هرع وأصله من الهرع وهو الدم الشديد السيلان كأن بعضه يدفع بعضا) َ فالمعنى على القراءتين يسوقون أو يسوق بعضهم أو يساقون بمعنى يسوقهم كبيرهم فتفسيره بيسرعون بياناً للمراد منه عليهما، وقوله كأنهم يدفعون على المجهول إشارة إلى أنه استعارة.