وهذه الأفعال قد استعمل أصلها الذي رفضه بعض العلماء فمراجعة الأصل لهذه الأفعال قد أثبته ابن القطاع وابن دريد وبعض اللغويين مما رجعت إلى بعضه في القاموس وغيره.. ولو كان أصلها المبني للمعلوم ممنوعا لنص عليه ابن جني في مبحث مراعاة الأصول وإهمالها ثم يقول ابن جني [43] : وإذا جاز أن تراعى الفروع فمراعاة الأصول أولى وأجدر. ولا شك أن المبني للمجهول فرع عن المبني للمعلوم فهذه الأفعال ليست ملازمة للمفعول بل هي مفتوحة الأوائل في الماضي فإذا لم يسم فاعلها فهي مضمومة الأوائل بدليل أن الاسم بعدها فاعل في المعنى لأنه هو الذي وقع منه الفعل أو قام - وفي نهاية التحقيق في هذا البحث أختم قولي بما قاله ابن درستويه:
"عامة أهل اللغة يزعمون أن هذا الباب لا يكون إلا مضموم الأول، ولم يقولوا أنه إذا سمي فاعله جاز بغير ضم وهذا غلط منهم لأن هذه الأفعال كلها مفتوحة الأوائل في الماضي فإذا لم يسم فاعلها فهي كلها مضمومة الأوائل ولم يختص بذلك بعضها دون بعض"، وقال ابن خالويه المتوفى سنة 370 هـ في شرح الفصيح بعد أن ذكر هذه الأفعال "ومعناه أن الفعل من هذا الباب لا ينطق به على لفظ ما لم يسم فاعله وعليه فبعض المذكورات فيه نظر والصحيح ما قاله بعضهم أن بعضا لم يبن قط للفاعل وبعضها بني له أيضا لكن الفصيح بناؤه للمفعول" [44] وسبق أن عرفنا نزعته الكوفية ولا شك أن الأخذ بهذه الآراء يؤدي إلى إلغاء الأحكام الخاصة بهذه الأفعال ويبيح في الثلاثي التعجب المباشر وكذلك التفضيل المباشر ويرد لتلك الأفعال اعتبارها وحقها ويجعل شأنها شأن غيرها من باقي الأفعال التي يصح أن تبنى للمعلوم حينا وللمجهول حينا آخر على حسب مقتضيات المعنى.
ومن ثمرة البحث:
حكم المضارع والأمر من هذه الأفعال: