ارتحل طريف هذا إلى تأمنا، وتحايل بالمكر والخداع على البربر حتى قدموه على أنفسهم فولوه أمرهم، وكان متظاهرا بالدين الإسلامي، فبقي أميرا عليهم إلى أن هلك فتولى بعده ابنه صالحا، وسمى نفسه بصالح المؤمنين، فتنبأ وشرع لهم ديانة وعهد إلى ابنه من بعده بنشر ذلك، فتناقلت الأجيال أمره إلى أن ظهر فيهم يونس وادعى النبوة انتقلت إليه من جده، واجبر البربر بالقوة حتى ضلوا واتبعوه قال الشاعر يلومهم على إطاعتهم لهذا المدعى الأفاك.
وقولي وأخبري خبرا يقينا
قفي قبل التفرق فاخبرينا
وخابوا لا سقوا ماء معينا
وهذى أمة هلكوا وضلوا
فأخزى الله أم الكاذبين
يقولون النبي أبو غفير
على آثار خيلهم رنينا
ألم تسمع ولم تر لؤم بيت
وغاوية ومسقطة جنينا
رنين الباكيات بهم ثكالى
أتوا يوم القيامة مهطعينا
سيعلم أهل تامسنا إذا ما
يوالينا البوار معظمينا
هنالك يونس وبنو أبيه
ليالي كنتم مستيسرينا [2]
فليس اليوم يومكم ولكن
أما الضلال الذي شرع لهم، فإنهم يقرون بنبوءة صالح بن طريف وأن الكلام الذي ألفه لهم هو من عند الله لا يشكون في ذلك ففرض عليهم صوم رجب وأكل شهر رمضان، وخمس صلوات بالنهار ومثلها بالليل والوضوء غسل السرة والخاصرتين وغسل الرجلين من الركبتين، ويتزوج الرجل ما استطاع من النساء، ويقتل السارق بالإقرار والبينة، والديك والبيض حرام عندهم، وأكل الدجاج مكروه، وليس عندهم آذان ولا إقامة للصلاة، وقد وضع لهم صالح قرآنهم المكون من ثمانية سور أولها سورة أيوب وآخرها يونس ومنها سورة الديك وفرعون والجراد وغير ذلك من الهراء والكذب الذي قصد به الإساءة إلى الدين الإسلامي الحنيف.