كان هذا أمرا عجيبا في وسط المغرب الأقصى، فأين تعلم هذا الرجل العجيب، إن هذه المبادئ الحقة السليمة لم يرها المغرب من قبل، وما عرف عن الإسلام الصحيح عقيدة ودستورا مطبقا إلا القليل، وما كان في الأندلس البلاد التي تعلم فيها إلا رسما للإسلام أن هذا الرجل تعلم أول ما تعلم على مائَدة الإسلام الأولى فدرس القرآن ووعاه، وحفظ السنة إلى درجة الإفتاء، وحرص على أن يعي جيدا ما كان عليه الرسول من تنفيذ للشريعة. وطريقة العمل بها، وما كان عليه الخلفاء الراشدون وبخاصة الفترة المجيدة من حياة أبي بكر وعمر رضى عنهما- لقد كان عنده من الإلهام الذي حياة الله به، والتمسك بتنفيذ أحكام الشريعة، ما وصل إلى علمه بكل طريقة حتى يطمئن إلى أن الله راض عن عمله.
لقد أراد أن ينفذ ذلك في أكبر بقعة من الأرض "لذلك فإننا نراه يسابق الريح محتسبا عمله لله وفي سبيل الله، وطاوعه المغاربة، وما أحب العمل عند المغاربة إذا تيقنوا أن هذا العمل لله ومن أجل الله.
إن البلاد العريضة التي فتحها كانت تفتح قلبها وعقلها ولسانها لعبد الله تنتظر إشارة منه لتتجه إلى الوجهة التي يريدها الإمام والمعلم.