إن في استطاعة عبد الله الآن أن يزحف لنصرة المظلوم والوقوف بجانب الضعيف وتهيئة القوم لإصلاح المجتمع. واتخذ لنفسه حكومة منظمة، تضم كل من استجاب للدعوة.. فرح الفقهاء فرحا كبيرا وأخذهم الزهو والفخر بنجاح أخ منهم، واعتبروا أنفسهم مشاركوه في هذا النجاح.. كذلك فقد وصلت كتبهم بالتهنئة طالبين منه الزحف إليهم لإنقاذ البلاد من الحكام الطغاة المارقين.
زحف الإمام عبد الله على المغرب..
كان في مقدمة من كتب إلى ابن ياسين إخوانه من فقهاء (سجلماسة) الغيورين على الدين، يرغبونه في الوصول إليهم لتخليص البلاد مما تعانيه من الحكام الطغاة الظلمة زناته المغراويين وأميرهم مسعود بن وانودين. ولمساعدتهم على القضاء على البدع وإقامة العدل وإظهار السنة، وكان الفقهاء قد طلبوا من الأمير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلم يأبه بهم ولم يلتفت إلى مطالبهم..
جمع عبد الله الأشياخ، وقرأ عليهم رسالة فقهاء سجلماسة، فقالوا له: (أيها الشيخ الفقيه هذا يلزمنا ويلزمك فسر بنا على بركة الله) زحفت جيوش المرابطين في حشود ضخمة، ونزلوا بوادي درعة، وكانت أخبارهم قد وصلت إلى أميرهم مسعود، فأعد جيشا قوامه أكثر من عشرة آلاف للقاء المرابطين، ففروا من أمامهم وتشتت شملهم وقتل أميرهم مسعود، وتقدم القوم وراء فلول الزناتيين متجهين نحو سجلماسة، ولم يتركهم المرابطون ليحصنوا أنفسهم بالمدينة، بل انقضوا عليهم بالسيوف حتى فرقوا شملهم وتمت الغلبة عليهم..
تركت جيوش المرابطين حامية في (سجلماسة) واتجهوا إلى الصحراء للقضاء على ثورة الزنوج، وما كانت زناته تعلم بتحركات القوم حتى انقضوا على الحامية وقتلوها عن آخرها.. وغضب عبد الله غضبا شديدا ورجع إلى رناته مرة أخرى، فألحق بهم خسائر فادحة، وقضى عليها جميعا، وثبَت أقدام المرابطين في هذه البلاد وانتشرت أخبار ما حدث في جميع أنحاء بلاد المغرب..