عبد الله بن ياسين
واضع الأسس الأولى لدولة المرابطين في المغرب الأندلس
(الحلقة الثانية)
لفضيلة الشيخ/ إبراهيم الجمل. المدرس بالعهد الثانوي التابع للجامعة الإسلامية
كان بين عبد الله وجدالة ثأر لا تزال آثاره موجودة: فهي القبيلة التي منعته من تأدية رسالته، وهددته بالقتل، بل لقد حاولت هدم بيته عليه، مما جعله يفر أمام قوة القوم، أما اليوم فيستطيع عبد الله أن يخضع قبيلة جدالة للدين الصحيح، وأن يجعلها تأتمر بأمره، معلنة الجهاد ضد كل من يخالف ما يجب أن يكون عليه الناس؛ ثم يتبعها باقي القبائل.
رجع عبد الله إلى مركز قيادته في رباط السنغال، وجمع أشياخ المرابطين، ليأخذ مشورتهم في أمر القبائل وفي مقدمتهم جدالة، وذهب إليها ليعرض عليها تعاليمه ومعه جيش المرابطين، وراحوا يرجونهم أن يعودوا إلى الصواب ويرضوا بحكم الإمام عبد الله، وأن يكونوا عوناً له على رد كيد الطغاة والمشركين وانتهز الجداليون فرصة مسالمة المرابطين، فأحدقوا بجيش المرابطين يريدون القضاء عليهم، فقد التفوا حولهم من كل جهة، وتنبه المرابطون لما سوف يقعون فيه، ورأوا أنهم أمام عدو من أعداء الدعوة يريد أن يطفئ نور الله، فسرى فيهم الحماس، ودوى صوتهم بالتكبير، وانقضوا على أعدائهم ينكلون بهم، حتى هزموا شر هزيمة، فأذعنوا للدعوة ودخلت القبيلة كلها في زمرة المجاهدين.
سار عبد الله إلى قبيلة لمتونة، وضيق على كل من تأخر منها الخناق، حتى أذعنوا، ورضوا بحكم عبد الله، وبعدها سار إلى سوقة فنهاها وحذرها ووعظها، فآمنت بما يدعو إليه، وعاهدته على الجهاد، وإعلاء كلمة الله. وحذت حذوها لمطة وجزولة وبهذا أصبحت وجهة القبائل واحدة، قائمة على مبادئ سامية، وعقيدة راسخة، وفي واع لما يدعو إليه الإمام ابن ياسين من نشر للواء العدل، ورفع لراية الإسلام الصحيح.