وفي ميدان التزكية هذه تشدد التطبيقات النبوية على الابتعاد بالفرد عن البيئات التي تتنكر للقيم الإسلامية وعن مؤسساتها الثقافية والتوجيهية والوظيفية ابتعادا يستهدف توفير نوع من الحمية الفكرية والروحية والسلوكية، ويمكن التربية الإسلامية من الانفراد بإعادة تشكيل سلوكه [24] .
وفي سبيل هذه التزكية اتخذت التطبيقات التربوية الإسلامية ثلاث خطوات أولها تعديل السلوك بإبعاد المسلم عن المنابع الدينية الأخرى وتوحيد المنبع الذي يستقي منه المسلم وهو القرآن ومخالفة المظاهر الحياتية لغير المسلمين، وثانيها إبعاد المؤثرات الثقافية الخارجية من أنماط التفكير والقيم والعادات والتقاليد والتصورات ثم الخطوة الثالثة وهي: "الشروع بتعديل السلوك غير المرغوب به وتعزيز ما هو مرغوب به، ويلاحظ أن القرآن الكريم والسنة الشريفة قد حددا للنفس ثلاثة مراتب يتدرج الفرد خلالها حتى يبلغ السلوك العاطفي والعقلي والعملي منتهاه المرغوب به. وهذه المراتب هي: مرتبة الإسلام وتستهدف تعديل السلوك الظاهر ثم مرتبة الإيمان حيث يتدعم السلوك الظاهر بالإيمان الباطن ثم مرتبة الإحسان حيث تتناسق مهارات التفكير مع تطبيقات الجوارح وانفعالات الشعور وتتضافر جميعها لإخلاص العبودية لله وإصابة الحق في كل ميدان من ميادين العبادة أو العمل وبذلك تتضافر جميع أنماط السلوك لتعزيز الموقف الذي تحدده أهداف التربية الإسلامية" [25] .
ومرحلة الإيمان التي ذكرها الأستاذ ماجد عرسان والتي يطلب فيها مطابقة المخبر للمظهر هي التي عبر عنها القرآن الكريم في الآية: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [26] .