أما المرحلة الثالثة فهي التي عبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه، يراك" [27] أو التي قال فيها: "لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع مالا بأس به حذرا مما به بأس" [28] .
ولو استعرضنا التكاليف والأوامر التي أمرنا الله بها لوجدناها في نهاية الأمر كمال السلوك وقمة الاستقامة وغاية الرقي الروحي والعقلي وصلاح الفرد والأمة فالصلاة والصيام والزكاة والحج ومراعاة حقوق الله كلها من إيمان بذاته وصفاته وأفعاله ورسله وملائكته وكتبه وبعثه وحسابه وجنته وناره وحلاله وحرامه ونصر شريعته والجهاد لإقامة حكمه وإعلاء كلمته، ومراعاة أوامر الله في طاعة الوالدين وحقوقهما وبرهما والدعاء لهما وتفقد أمورهما ما داما على قيد الحياة ثم مراعاة حقوق الزوجة والأولاد من إحسان وبر ونفقة وتربية وهداية ثم حقوق الأقارب والجيران والمسلمين عامة ثم حقوق الدولة الإسلامية والجماعات كل هذه الأشياء هي التي تؤدي إلى الإنسان الكامل الخلق الموجه لطاقاته التي أودعها الله فيه في اتجاهها الصحيح وكلها في النهاية تؤدي بالإنسان إلى تحقيق سر وجوده على هذا الكون وهو عبادة الله وحده خالق هذا الكون الذي سخره لعباده ليكونوا سادة الكون وعبيد الله..