يرى جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة وأبو ثور وإسحاق وداود: أن إزالة النجاسة عن أحد المخرجين واجبة لورود الطلب بها بصيغة الأمر مثل حديث عائشة رضي الله عنها عند أبي داود قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن فإنها تجزئ عنه " [119] . وكذلك حديث أبي هريرة " ليستنج بثلاثة أحجار " [120] والأمر يفيد الوجوب إذا أطلق وليس له صارف كما هنا. وغير ذلك من الأدلة.

ويرى الحنفية ورواية عن مالك؛ ونقل عن المزني من أصحاب الشافعي: أن الإستنجاء سنة لمواظبته صلى الله عليه وسلم ولا يجب لحديث أبي هريرة عن النبي على الله عليه وسلم قال:"من اكتحل فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج " الحديث، أخرجه أبو داود وأحمد كما أخرجه الطحاوي في الآثار. ذكر ذلك البدر العيني بسنده. ثم قال: فالحديث صحيح ورجاله ثقات ثم رد كلام ابن حزم والبيهقي حول سند هذا الحديث. كما استدل هذا الفريق بأن النجاسة الحادثة بسبب البول والغائط هي كدم البراغيث في عدم وجوب إزالة أثرها، فكذلك عينها. وقال المزني:" لأنا أجمعنا على جواز مسحها بالحجر فلم تجب إزالتها كالمني " [121] .

ونكتفي بهذا الموجز لبيان آراء الفقهاء بعد أن تبين لنا قوة استدلال الفريق الأول على وجوب إزالة النجاسة الحاصلة على أحد المخرجين من أثر البول والغائط لنقصد إلى ما نريد.

يرى أكثر الفقهاء – باستثناء بعض الشيعة وبعض الفقهاء كابن حبيب الذي يذهب إلى كراهة الإستنجاء بالماء لأنه مطعوم [122]-: أفضلية الجمع بين الماء والأحجار في الإستنجاء بأن يقدم الأحجار لإزالة عين النجاسة المتبقية على المحل ثم يتبعها بالماء لغسل الأثر الباقي بعد إزالة العين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015