ثانياً: ما رد به الحافظ بن حجر على هذه الدعوى؛ من أن عقبة رواه من طريق محمد بن جعفر عن شعبة فقال:" يستنجي بالماء "وكذلك الإسماعيلي؛ من طريق ابن مرزوق عن شعبة:" فأنطلق أنا وغلام من الأنصار معنا إداوة فيها ماء يستنجي منها صلى الله عليه وسلم "كما رواه البخاري عن طريق روح بن القاسم عن عطاء بن أبي ميمونة: "إذا تبرر لحاجته أتيته بماء فتغسل به "ولمسلم من طريق خالد الحذاء عن عطاء عن أنس: "فخرج علينا وقد استنجى بالماء "وبهذا يثبت أن العبارة من قول أنس. وعليه فيكون الحديث صالحاً للإستدلال به على ثبوت الإستنجاء بالماء [109] .
كما يتأكد ذلك؛ بما أخرجه الترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:"مُرْنََ أزواجكن أن يستطيبوا بالماء فإني أستحييهم؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله". قال الترمذي بعد سرده لهذا الحديث: هذا حديث حسن صحيح [110] .
وبما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما لما نزلت هذه الآية: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا.. الآية} [111] بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى عويم بن ساعدة فقال:" ما هذا الطهور الذي أثنى الله عليكم" فقالوا: يا رسول الله ما خرج منا رجل ولا امرأة من الغائط إلا غسل فرجه – أو قال – مقعدته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هو هذا "رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن، إلا أن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه [112] .
أقول: ابن إسحاق لم يذكره البخاري في الضعفاء وذكره في التاريخ الكبير وقال:"قال لي علي بن عبد الله ابن عيينة؛ قال الزهري: من أراد المغازي فعليه بمولى قيس بن مخرمة هذا ". قال ابن عيينة:"ولم أر أحداً يتهم ابن إسحاق ".
وقال:"قال لي عبيد بن يعيش سمعت يونس بن بكير يقول سمعت شعبة يقول: محمد بن إسحاق أمير المحدثين بحفظه" [113] .
وقال فيه الحافظ في التقريب:" مقبول" [114] .
وقال الذهبي فيه:"هو صالح الحديث " [115] .