جـ- الإبتداء والإختراع: وفي التنزيل العزيز: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ} [66] قال ابن عباس رضي الله عنهما: "ما كنت أدري ما فاطر السماوات والأرض حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما، أنا فطرتها أي ابتدأت حفرها " [67] .

وقد اختلف العلماء في بيان المعنى المراد من سنن الفطرة الواردة في هذه الأحاديث التي هي قيد البحث: فقال الحافظ أبو سليمان الخطابي: فسر أكثر العلماء، الفطرة في هذه الأحاديث بالسنة؛ وتأويل ذلك: أن هذه الخصال من سنن الأنبياء الذين أمرنا أن نقتدي بهم بقوله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} الآية [68] ، أول من أمر بها إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم. ويشير إلى ذلك قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنّ} الآية [69] قال ابن عباس رضي الله عنهما: أمره بعشر خصال ثم عددهن فلما فعلهن، قال: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً} [70] يقتدى بك ويستن بسنتك، وقد أمرت هذه الأمة بمتابعته خصوصاً. وبيان ذلك في قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً} [71] ويقال كانت عليه فرضاً وهن لنا سنة [72] .

وبعد أن ذكر العراقي حكاية الخطابي عن أكثر العلماء، بأن الفطرة هي السنة، قال: ويدل عليه: رواية أبي عوانة في المستخرج لحديث عائشة:"عشر من السنة " [73] ومعلوم أن مراده بالسنة: هي الطريقة المحمودة التي استنها الأنبياء عليهم السلام.

ويرى فريق آخر من العلماء أن المواد بالسنة في أحاديث الفطرة؛ هي السنة التي تقابل الواجب عند الفقهاء. وهي: ما طلبه الشارع طلباً غير جازم [74] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015