وقيل الأصل فيه: الإبتداء والإختراع: تقول: فطر الله العالم: أي أوجده ابتداء واخترعه- وفي التنزيل على لسان سيدنا إبراهيم {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفا} [58] والجمع منه: فطور: وفي التنزيل {هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} الآية [59] .

والفطرة: هي الحالة منه وصارت تطلق على عدة معان من بينها ما يلي:

أ- صدقة الفطر، وقد اختلف في سبب تسميتها بذلك: فقال الحافظ بن حجر:"لأنها تجب بالفطر من رمضان ".. وقال: ابن قتيبة:"المراد بصدقة الفطر؛ صدقة النفوس، مأخوذ من الفطرة التي هي أصل الخلقة " [60] .

ب- الخلقة التي يكون عليها كل مولود أول خلقه في رحم أمه، قال تعالى: {الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} [61] أي خلقني. وقوله تعالى: {وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي} الآية [62] . وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة " يعني الخلقة التي فطر عليها في الرحم من سعادة أو شقاوة فإذا ولده يهوديان هوّداه في حكم الدنيا، أو نصرانيّان نصّراه في حكم الدنيا، أو مجوسيان مجّساه في حكم الدنيا، أي أن حكمه في الدنيا حكم أبويه حتى يعبر عنه لسانه، فإن مات قبل بلوغه مات على ما سبق له من الفطرة التي فطر عليها. فهذه هي فطرة المولود [63] .

وقا ل ابن الأثير:" المعنى أنه يولد على نوع من الجبلة والطبع المهيأ لقبول الدين فلو ترك عليها لاستمر على لزومها ولم يفارقها إلى غيرها. وإنما يعدل عنه من يعدل لآفة من آفات البشر والتقليد.." [64]

وقيل المعنى: كل مولود يولد على معرفة الله تعالى والإقرار به فلا تجد أحداً إلا وهو يقر بأن له صانعاً وإن سماه بغير اسمه ولو عبد معه غيره [65] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015