لقد عشت أنت أيها الوالد العزيز أكثر من ثلاثين عاما موظف دولة، أما حدث ذات مرة أن أمسكت عن قولة الحق وإبداء رأي الصدق حين كنت ترى بعض رؤسائك يبغون الأمور عوجا ويعرضون الأمر مبتسرا فجا، ألم تك تنفذ بعض الأوامر وأنت تعلمها جائرة، وتمضي بعض المعاملات على ما فيها من باطل، ألم يحدث ذات مرة أن فعلت شيئا من ذلك حرصا على راتبك وإبقاء على وظيفتك؟! على أنك لست في هذا بدعا بين الموظفين ولا فردا بين الناس، فالموظفون كثيرا ما يقولون الكذب وهم يعرفون أين يكون الصدق، ويأتون الباطل وهم يبصرون طريق الحق، ويعتذرون عن ذلك بلقمة الخبز لأفراد الأسرة، وكسوة الصغار الذين يدرجون في البيت، وتعليم الكبار الذين يغدون على المدارس، ولا يذكرون حق الدين وحق الفضيلة إلا كما يذكر الموتى وأسقاط المتاع.

علم الله أني لم أقصد بهذا إساءة إليك، ولا كشف منقصة فيك، ولا إذاعة عيب عنك، وأنىً لي هذا؟! ولكن الشيء بالشيء يذكر، والحديث ذو شجون.

وفي ختام هذه الرسالة أقول:

من الخير يا والدي العزيز أن تسمح لابنك هذا بالعودة، وأن تفتح أبواب بيتك لاستقباله، وأن تمد جناح العطف والرحمة على هذا الزواج.

من الخير أن تسمح لهذا الولد الغريب أن يعود إلى بيت أبيه وأمه، ومن الخير أن تجد هذه الزوجة الأجنبية أبواب البيت لها مفتوحة، والقلوب التي في الصدور لها مشروحة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015