على أنني سوف أسلك طريقا لعله يرضيك أو يخفف عنك ما بك، طريقا ما كان يخطر لي على بال من قبل وما كان ليخطر لك أنت أيضا على بال، ولكن هذا الزواج الذي نقمته هو الذي ساقه إلي وجعله سهلا لا حبا أمام عيني، سوف آخذ جنسية هذه البلاد التي تعلمت في جامعاتها وتزوجت إحدى فتياتها وهأنذا اليوم طبيب في إحدى مستشفياتها، وبهذه الجنسية أستطيع العودة إلى وطننا الذي أخرجنا منه وإلى المدينة التي ولدت فيها وإلى دارنا المهجورة المغلقة الأبواب، وسوف أتخذ شقة من شققها سكنا وأتخذ من أخرى عيادة، وسوف أضع على مدخل الدار لافتة كبيرة أكتب عليها اسمي مقرنا باسمك وباسم العائلة كما كنت تأمل وترجو، وسوف تكون هذه الأسماء كبيرة الحروف جميلة الشكل واضحة الرؤية إلى درجة أنها تقرأ بسهولة من الشارع المجاور، وسيأتي يوم –أسأل الله ألا يكون بعيدا- تسترد فيه بعون الله تعالى تلك الأرض المغصوبة وتلك المدينة المنكوبة، وحينئذ تستطيع أن تجلس في حديقة الدار صباح مساء كما كنت تجلس من قبل، وسوف يشير الوافدون على عيادتي للاستشفاء وهم يعبرون الحديقة جيئا وذهابا، سوف يشيرون إليك بأطراف البنان وهم يتهامسون: والد الطبيب.

قد تحسب هذا خيالا أسوقه إليك ابتغاء مرضاتك وتخفيف وقع هذا الزواج على نفسك، أحسب يا والدي الحسبان الذي تشاء، وظن الأمر كما تريد وتهوى، فهذه هي الحقيقة قد جلوتها عليك واضحة، وهذا ما آل إليه أمري قد صورته لك صادقا قد تقول وأين كانت هذه الحقيقة من قبل، ولم تصور لي ما آل إليه أمرك منذ البداية؟! ولم كلفتني نفقات زواجك ثلاث سنوات وأنت على يقين أني غير راضي عنه؟!

الناس يا والدي العزيز يحبون الحق ويحرصون على العدالة حين ينصبون أنفسهم حكاما وقضاة، أما حين يكونون غير ذلك فما أكثر ما تقف العدالة والصراحة وكلمة الصدق على أبوابهم طويلا تطرقها وتطرق وتطرق فلا يأذنون لها ولا يعتذرون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015