ولقد أحسن المؤلف صنعا حين نقل في أمثال هؤلاء، الذين خربهم المستشرقون والمبشرون، شهادة (جان بول سارتر) في مقدمته لكتاب (معذبو الأرض) المترجم إلى العربية وفيها يقول (شرعت الصفوة الأوربية تصطفي فتيانا مراهقين، ترسم على جباههم بالحديد الأحمر مبادئ الثقافة الأوربية، وتحشو أفواههم بشعرات رنانة، ثم تردهم إلى ديارهم وقد زيفوا، واستحالوا أكاذيب حية [2] ..) وإنها لشهادة دامغة لهؤلاء الناعقين بأبواق الغرب يطوقهم بعارها واحد من أساطين الهدامين الذين أسهموا في إفسادهم..
ومثل ذلك تصويره لخصائص اليهودية التي جمعت أولئك الشذاذ على إقامة إسرائيل حتى ينتهي بالقارئ إلى ذلك المشهد الرهيب حيث أحاطت جماهير اليهود بحائط المبكى، يوم السابع من حزيران لتقيم صلاة النصر، وهي تهتف بأصواتها المدوية: ليسقط.. اليوم انتهى محمد.. محمد مات وخلف بنات يالثاَراتِ خيبر!!!
ثم يردف ذلك العرض الفاجع بهذا التقريع الصادع: (لم يهتفوا ضد ناصر أو الأتاسي أو عارف أو الحسين، أو غيرهم من قادة العرب وزعمائهم لأن هدف المؤامرة هو محمد والإسلام) .
وإنها والله لكذلك..
فوا محمداه.. ووا إسلاماه!!! وبعد.. فتلك لمحات عجلى من روائع ذلك السفر لا تغني عن قراءته في تدبر. وأن عنوانه (الله.. أو الدمار) لأدل على مضمونه من أي محاولة لتعريفه إذ هو حشد من البراهين الحاسمة، تلاقى على صياغتها التاريخ والعلم والأحداث، والدراسات النفسية والاعترافات الصارخة، على أننا نحن العرب والمسلمين، بل البشرية أجمعون مهددون –بعد الضياع- بالدمار الماحق، إلا أن نعود إلى الله، ونعتصم بحبله الذي لا ينفصم: الإسلام. ولكم كنا نود لو تمت له ميزة السداد، فسلم من بعض الهفوات التي رأينا التنبيه إليها في هذا التعقيب، خدمة للكتاب، وتعاونا على الخير الذي يهدف إليه الكتاب.