1- في القسم الخاص بالحديث عن مفاسد المبشرين من مقدمة الكتاب يعرض المؤلف صورا باهرة عن تسامح الإسلام، وعن آثار المسلمين في ميادين العلم والحضارة ويستشهد لذلك بكلام من مؤلفات بعض المستشرقين. وهو منهج سليم ومفيد، إلا أن بعض نقوله تكاد تتجاوز الضروري بل تكاد تؤدي إلى غير ما يريد، ونمثل على ذلك بما نقله على المستشرق (اميل درمنجهايم) في ص 85، 59 عن موضوع الصلة بين الإسلام والنصرانية، ومحاولة هذا المستشرق تصوير الصلب الذي يزعمونه للسيد المسيح، على أنه متفق مع تفسير بعض مفكري المسلمين -كذا- إذ ينسب لهؤلاء القول بأن المسيح قد صلب ولكنه لم يمت على الصليب، بل أنزل عن صليبه قبل أن يلحق روحه بالرفيق الأعلى وهو زعم لا نعرف له قائل في تاريخ الإسلام. اللهم إلا أن يكون من المأخوذين بترهات هذا الأفاك..الغافلين عن حكم الله بأنهم {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ..} وقد أجمع علماء القرآن على أن المراد بالتشبيه إلقاء شبه السيد المسيح (ع) على شخص الخائن يهوذا حتى أخذ مكانه، وهو ما أثبته برنابا في إنجيله المعروف. ومع ذلك فإن المؤلف سامحه الله يكتفي بعرض هذه المفتريات دون معارضة ولا مناقشة سوى قوله (ليس قصدي من إيراد هذه النصوص الخوض في مناقشات دينية أو التسليم بكل ما احتوته..) وإنما عمد إلى ذلك النقل ليثبت مدى رعاية الإسلام للنصارى، تألفا لهم وتطمينا لقلوبهم. وقد كثر هذا الضرب من المعاملة لهؤلاء المواطنين وبخاصة في هذه الأيام، حتى كدنا نهتم بالملق، دون أن يعود ذلك إلى قضايانا المصيرية بأي مردود مفيد. وأمامنا الأمثلة القاطعة على هذا الإخفاق في لبنان ومصر والفليبين واندنوسية، وعشرات الأقطار التي أطبقت عليها كوابيس التعصب الصليبي فلم تراع فيها إلا ولا ذمة.. وكان الأحرى بنا والأكرم أن نعاملهم بعدالة الإسلام وصراحته، فنخاطبهم بما خاطبهم الله {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015