من ذا الذي قد شق سمعك محكما
ومن الذي بالحسن قد أولاك
والعين من أعطاك فيها مقلة
وأقام في شتى السهول رباك
ومن الذي يعل الجبال رواسيا
من غير أعمدة ترى عيناك
ومن الذي رفع السموات العلا
طول المدى لا تخطئ الأفلاك
مزدانة بكواكب تجري على
بالخير والإنعام قد ربّاك
هو خالق الأكوان جل جلاله
في الإفك بل والله ما أشقاك
يا منكر الله إنك مغرق
وإلى المهيمن ترشد الإدراك
إن العجائب في الوجود كثيرة
وإذا أصابك بعضه أرداك
فالسم في الأفعى يصون حياتها
والشهد من عاني السقام شفاك
والنحل في زهر الرياض غذاؤه
وإذا طغى يوما يصير هلاكا
بالماء نحيا والحياة رغيدة
واليبس يفني الحوت والأسماك
والحوت يسبح في الخضم موحدا
والطير في كبد السما أشجاك
في الصخر يحيا الدود غير منغص
ينمي الزروع ويقتل الفتاك
والشمس ترسل في النهار شعاعها
وبدونه لن نستطيع حراكا
والليل يمسح بالنعاس عناءنا
والبدر يؤنس في الدجى مسراك
والنجم للسفن المواخر مرشد
وبدونه لن تستبين خطاك
والعقل ينتج للأنام حضارة
عند الذي من فضله أحياك
والروح سرّ في الجسوم وعلمه
للحق والإيمان قد ناداك
والقلب ينبض في المنام ونبضه
لكنها صنع الذي يرعاك
تلك العجائب لا تنظم صدفة
قولي فماذا يا عنيد دهاك
وجميعها فيها الدليل مؤيّدا
وعن الغواية يا شقي نهاك
والعقل يدمغ ما تقول بداهة
لله تقديسا وما جاراك
والكون يلهج بالثناء جميعه
نبذ الورود وفضّل الأشواك
لكنك الغاوي الأثيم ومن غوى
وتجنّبت صوت الهدى أذناك
عطلت عقلك يا غوي حماقة