3- وقال الأكثرون من المربين أن العقوبة تنقسم قسمين: روحية وبدنية, ويجب أن يسبق ذلك النصائح والتوجيهات والإرشادات، فإن لم تجد نفعا فإنه يبدأ بالعقوبة الروحية وهي العبوس في وجه الطالب المعاقب، فاللوم، فالإهانة على انفراد فالتوبيخ أمام الرفقاء. فإن لم تأت العقوبة الروحية بنتيجة ما لجأ إلى العقوبة الجسدية من الوخز والضرب وليتجنب المربي أن يضرب رأس الفتى أو وجهه.
وهم يستدلون على جواز استخدام العقوبة البدنية بالحديث النبوي الشريف القائل: "مروا أولادكم بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لعشر".
ويقول المربي العربي القابسي فيما كتبه عن سياسة المعلمين: "إنه يبيح للمعلّم أن يؤدب أطفاله إذا لم يفد معهم اللطف والإيناس، ويبيح له ذلك على أن يتجاوز ثلاث ضربات إلا إذا كان الطفل سيّئ الخلق قد ناهز الاحتلام فلا بأس من ضربه عشر ضربات وألا يزيد عن ذلك لأن أبناء الناس وديعة في يده. وكما يعاقب المعلّم تلميذه على إهماله دروسه يعاقبه أيضا على الإسراف في لعبه ولهوه وعلى الهرب من الدرس وعلى إيذاء إخوانه".
ويقول في ذلك أيضا المربي القابسي: "إذا أفرط الطالب فتثاقل على الإقبال على العلم، وتباطأ في حفظه أو أكثر الخطأ فيما حفظ أو في كتابة لوحه من نقص حروفه وسوء تهجيته وقبح كتابته وغلطه في نقطه، فنبَّهه مرة بعد مرة فأكثر التغافل ولم يُغن فيه التقريع بالكلام فله أن يعاقبه بالعقوبة البدنية المناسبة وهي الضرب بعصا (ضرباً لا يسبب للطالب عاهة مستديمة أو أذى شديداً وإنما يكفي شعوره بالألم عند توقيع العقوبة عليه) ".
على أنّ كثيراً من المؤدبين والمربّين كانوا يلّحون إلحاحا شديداً بوجوب عدم الضرب والشتم والسب لما فيها من الفساد. فقال أحدهم: "لا تؤدبه إلاّ بالمدح ولطف الكلام وليس هو ممن يؤدب بالضرب أو التعنيف".