فهذا يدلنا على أن نفراً من المربّين المسلمين كرهوا الضرب أصلاً, وأوجبوا عدم العنف لما في ذلك من الضرر على المتعلم.

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب الرفق في الأمر كله وإنما يرحم الله من عباده الرحماء".

العلاقة بين الأستاذ والتلميذ في صدر الإسلام وفي عالمنا المعاصر:

كانت العلاقة بين المعلم والمتعلم في صدر الإسلام قائمة على الحب والوفاء والتكريم والتوقير، فالمعلم والد يؤدب بالحسنى، ويهذِّب بالحكمة، ويقسو حينما تجب القسوة، ولكنها قسوة من يريد الخير لابنه وتلميذه.

وكان المتعلّم ابناً مطيعا بارّاً، يرى في إجلاله لأستاذه مظهراً من مظاهر الأدب وحسن الخلق، وكان التلميذ يعتبر نفسه عجينة في يد أستاذه المحب له الحريص عليه، فهو يشكِلُّها ويصوغها على حسب ما يرى, ويعتقد فيه الصلاح والنجاح. وعلى التلميذ أن يسمع ويستجيب.

وكان الطالب يحافظ على وفائه لأستاذه حتى بعد تخرّجه أو انقطاعه عن حلقة الدرس، أو بلوغه مرتبة ملحوظة في الحياة, فهو يظلّ يذكر مدرسه بالخير، وهو يحتفل لقدومه ولقائه, ويتأدب أمامه ويستحي منه ويزوره ويتودد إليه.

وكان المدرِّسُ من جهته يظلّ على صلة بتلميذه ولو نزل معترك الحياة, وهو يواصل توجيهه وإرشاده بحسب طاقته وإمكاناته وقدراته، وهو يتبع خطواته في المجتمع، ويفرح لتوفيقه ونجاحه في مجال عمله.

هذه العلاقة بين الأستاذ وتلميذه ظلّت قوية ومتينة إلى عهد قريب. ولو رجعنا إلى عهد أبعد، وذهبنا نسترجع تاريخنا الإسلامي لوجدناه عاطراً بقصص الحب والوفاء المتبادل بين المعلّمين والمتعلّمين مليئاً بمواقف التمجيد من جانب التلاميذ للأساتذة والمربّين والأوائل.

ومن أبلغ ما ورد في مجال تكرم الطلاب لأستاذهم هذه القصة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015