إن الإسلام يتسامح في أن يتلقّى المسلم من غير المسلم، أو عن غير التقي من المسلمين في علم الكيمياء البحتة، أو الطبيعة، أو الفلك، أو الطب، أو الصناعة، أو الزراعة، أو الأعمال الإدارية والكتابية. وأمثالها، وذلك في الحالات التي لا يجد فيها مسلما تقيا يأخذ عنه هذا كله، كما هو واقع منْ يسمّون أنفسهم المسلمين اليوم، الناشئ من بُعدهم عن دينهم ومنهجهم, وعن التصور الإسلامي لمقتضيات الخلافة في الأرض –بإذن الله- وما يلزم لهذه الخلافة من هذه العلوم والخبرات، والمهارات المختلفة، ولكنّ الإسلام لا يتسامح أبدا في أن يتلقى المسلم أصول عقيدته، ولا مقومات تصوّره، ولا تفسير قرآنه وحديثه، وسيرة نبيه، ولا منهج تاريخه, وتفسير نشاطه, ولا مذهب مجتمعه, ولا نظام حكمه، ولا منهج سياسته، ولا موحيات فنه وأدبه، وتعبيره ونقده.. من مصادر غير إسلامية, ولا أن يتلقى عن غير مسلم يثق في دينه وتقواه في شيء من هذا كله..
أيها الاخوة.. أيها الأبناء:
لا خلاص لنا مما نحن فيه إلاّ إذا رجعنا إلى الينبوع الإسلامي الصافي، وقد حباكم الله بهذه الجامعة الإسلامية التي تقوم برسالتها المعهدية والتبليغية فهي جامعة تعليم ودعوة تدرس الإسلام في مظانه الأصيلة، وتنشر دعوته ذات الخصائص النبيلة.
فهل لنا أن نتخذ منها منطلقا إلى عمل إسلامي خالص من أجل أدب ونقد إسلامي أصيل؟ يتبع وينشأ من تصور الإسلام الخاص للحياة كلها، ولعلاقات والروابط فيها.
إنّ الأمل الكبير في أن تتوفّر الجهود المخلصة من الأساتذة المتخصصين، والدارسين المتعمقين في قاعات البحث والدروس داخل إطار جامعتنا الإسلامية لتحقيق هذا الرجاء، وبذلك تكون هجرتنا إلى هذه المدينة المنورة, وتلك الجامعة التي تقلها أرضها الطيبة هجرة خالصة إلى الله ورسوله..