فهذا الثناء توجيه نقدي للسمو بالشعر، ونبذ الفاحش منه، ولذلك رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفر منه إذا كان مقذعا، فقد أورد الطحاوي رواية ذكرها العيني: قيل لعائشة: إن أبا هريرة يقول: "لأنَ يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعرا"فقالت عائشة: يرحم الله أبا هريرة حفظ أول الحديث، ولم يحفظ آخره: "إنّ المشركين كانوا يهاجون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعرا من مهاجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، هذا ورواية أبي هريرة تلك ذكرها بطريقين البخاري في باب (ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعْرُ حتى يصدَّه عن ذكر الله والعلم والقرآن) ، وفي ذلك تنظيم لحياة الإنسان في ظل الدين الجديد, كي يظل ذاكراً لموالاه حامدا شاكراً..

ومهما دار الأمر فإن هذه الروايات تنمُّ عن إعجابه صلى الله عليه وسلم بالشّعْر الذي يلتزم مبادئ الإسلام, ويعبرُ عن روحه, ومن ثمَّ يقدم هديَّة إلى كعب بن زهير وهي عبارة عن (بُرْدة) ثمينة، بعد إنشاده قصيدته المشهورة التي مطلعها:

مُتَيَّمٌ إِثْرَها لم يُجْزَ مَكْبُولُ [21]

بانَتْ سُعادُ فقَلْبِي اليَوم مَتْبُولُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015