وتوالت علينا الحروب من مغولية وتترية وصليبية بهدف القضاء على الإسلام، ونحن لا ننكر الحقيقة التاريخية المؤلمة, إنّ المسلمين استكانوا للدعة والترف وحب الحياة وكراهية الموت، وبهرتهم الحضارة المادية الأوربية، فأصابهم الوهن والضعف والخور. وواجه أبناء الأمة الإسلامية التحديات التي وجهت إليهم ابتداء من الحروب الصليبية، حتى زرع إسرائيل في قلب العالم الإسلامي، وتوالت الهزائم والنكسات على العرب والمسلمين, ومزّقوا شرّ ممزّق نتيجة ابتعادهم عن كتاب الله وسنة رسول الله.. وفي صبر ومعاناة وعودة إلى ربهم كانت لهم ضربة في شهر رمضان المعظم أثارت إعجاب العالم وأعادت للمسلمين بعض هيبتهم, وحقق الإنسان المسلم بعض أمل كان يراود شباب هذا الجيل.. وغدا يحقّق حضارته وأمجاده القديمة, وتقول زيجربد هونسكه:

"إنّ هذه الطفرة العلمية الجبّارة التي نهض بها أبناء الصحراء ومن العدم من أعجب النهضات العلمية الحقيقية في تاريخ العقل البشري, فسيادة أبناء الصحراء التي فرضوها على الشعوب ذات الثقافات القديمة وحيدة في نوعها، وإن الإنسان ليقف حائراً أمام هذه المعجزة العقلية الجبارة، هذه المعجزة العربية التي لا نظير لها والتي يحار الإنسان في تعليلها وتكييفها.

إذ كيف كان من المستطاع أنّ شعباً لم يسبق له أن يلعب دوراً سياسيا أو ثقافيا من قبل يظهر بغية إلى الوجود, ويسمع العالم صوته, ويملي عليه إرادته, ويفرض عليه تعاليمه، وفي زمن قصير أصبح نداً لليونان. إنّ هذه المنزلة التي بلغها العرب أبناء الصحراء لم تبلغها شعوب أخرى كانت أحسن حالا وأرفع مكانة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015