وفي أفراد هذه الطائفة من يفرط في كثير من أمور الإسلام الهامة، فلا يتعرض لها إلا لماما مع أنها تستحق التركيز والاهتمام البالغين، كالحكم بما أنزل الله وما يتعلق به، كما أن من أفراد هذه الطائفة من يبالغ في التهجم على مذاهب علماء الأمصار، وينفر من قراءة كتب الفقه بل ومن غيرها من الأفكار التي لم يصل هؤلاء الأفراد إلى فهم بعض كتاب الله وبعض سنة رسوله إلا عن طريق مؤلفي تلك الكتب.

واكتفت طائفة أخرى بخوض غمار السياسة والتعمق فيها، وتحليل أحداثها، والمقارنة بين سياسة الشرق والغرب والتعليق عليها، وكثير من أفراد هذه الطائفة بعيدون عن جوهر الإسلام يغلب عليهم الجفاف الروحي.

واكتفت طائفة أخرى بالانسياح في العالم والدعوة إلى أصول محددة هدفها ترقيق القلوب وإقامة الشعائر التعبدية الظاهرة مع عدم التعرض للأمور التي فيها خلافات دينية كانت أم سياسية، ويغلب على هذه الطائفة التصوف وعلى كثير من أفرادها الجهل بكثير من أمور الدين وأهدافه كما تغلب عليهم البدع والخرافات، وكأنهم يطبقون القاعدة المسيحية المزعومة: دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر.

وإذا رجعنا إلى هذه الطوائف الأربع وجدنا أن خيرها الطائفة الثالثة، ومع ذلك فهي في حاجة إلى أن تكمل نفسها بأمور لا غنى لها عنها، وأهمها الفهم الشامل لمعنى العبادة، وتطبيق ذلك عمليا في كل مجالات الحياة.

ولا يمكن أن تحمل الدعوة إلى الله وتنجح في دعوتها إلا طائفة جمعت كل محاسن الطوائف السابقة وسلمت من سلبياتها، وأضافت إلى ذلك الفهم الشامل لمعنى العبادة _ طبقاً لفهم السلف الصالح _ وأظهرته في عالم الواقع.

ويمكننا استنباط بعض مزايا أمة العبادة الشاملة من تعريف شيخ الإسلام الماضي: ((اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة)) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015