لقد انكمش هذا المفهوم لمعنى العبادة عند أغلب الناس فأصبحوا يفهمون معنى العبادة فهما ضيقاً جداً، يجمع هذا المفهوم عند الجميع أن العبادة هي أداء بعض الشعائر التعبدية على وجه خاص، ولذلك انقسموا إلى طوائف متشعبة كل طائفة تركز على جزء من الإسلام، وكأنه هو كل الإسلام ناظرة إلى ما عند غيرها أنه شيء ثانوي إن لم يكن في نظرها تافها.
فاكتفت بعض الطوائف بالعزلة عن المجتمع والعكوف في زوايا المساجد والتفنن في أشكال السبحات وألوانها، وأنواع العمائم أو الجبب أو أي شارة من الشارات زاعمين أنهم يذكرون الله بمجرد تحريك ألسنتهم وأتباع حبات السبحات بعضها بعضا، وأن ذلك الواقع الذي يعيشونه هو المطلوب منهم، لأن المجتمع قد فسد ولابد من اتقاء شره وفساده بذلك الانعزال ليتحقق التقرب إلى الله وصيانة القلوب من صدأ المعاصي ودرن الذنوب.
واكتفت طائفة أخرى بالغوص في متون الفقه المعقدة وشرحها وبيان غامضها والدعوة إلى تفحص حواشيها وتقليد مذهب من المذاهب والانتصار له والغلو في صاحبه غلوا قد يخشى على صاحبه من الوقوع في عدم توحيد مصدر التلقي.
واكتفت طائفة أخرى بالدعوة إلى التزام سلوك معين في بعض الشعائر التعبدية والمظاهر الإسلامية، كإقامة الصلاة وصوم رمضان، وأداء مناسك الحج وفق ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، والالتزام بالمظهر الإسلامي كإعفاء اللحية، وعدم استعمال ألبسة الكفار، والحث على تحقيق السنة لمعرفة صحيحها وضعيفها، والدعوة على الاقتصار على قراءة القرآن والسنة والعمل بهما.