ولو وقف سبحانه عند كلمة الليل لأعطت المعنى، ولكن الليل قد يضيئه قمر وتتلألأ فيه نجوم، فحدد لون وجه صاحب السيئات بالليل المظلم، الذي لا قمر فيه ولا نجوم، عندما يغيب كلاهما في آخر الليل، ونزيد من هذا اللون ما قال كتابنا أيضاً {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} فوجه سواد الوجه في الآية الأولى لأنهم كفروا بربهم، وفي الثانية لأنهم كسبوا السيئات، وفي الثالثة لأنهم كذبوا على الله، بل منهم من سَيُمَّيز بلون لم يسبق أن لون وجه في الدنيا، وهو اللون الأزرق {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً} هذه هي قاعدة التفريق والتمييز عندنا، وحتى التفرقة ببياض الوجه لها عندنا أيضاً مقال جميل {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} وإذا كان الخلود في الرحمة هنا بمعنى الجنة فإن ما سنسمع في الآية الآتية أحسن من الجنة {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} فالنظر إلى وجه بارئ الجنة خير من كل الجنة، أما الوجوه التعسة فهي {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ} باسرة: شديدة العبوس، فاقرة: داهية تقصمهم، ثم نسمع من القرآن ما لا يشبع منه سمع لنعرف حقيقة القاعدة للتمييز بين الوجوه {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ} مسفرة: مضيئة من الفرح، {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} ظلمة، من هم هؤلاء؟ {أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ} .

هذه هي قاعدة التفريق والتمييز عندنا تطبع الوجوه بطابع العمل، وليس لبشرة تتلون في دنيا التلون.. ولكن هل في ديننا فرق بين المسلمين وبعضهم؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015